المناظرة التلفزيونية ما بين وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون والسناتور برني ساندرز في ١٤ الجاري كانت حامية ومليئة بالمواقف المتضاربة، خصوصاً عندما انتقد ساندرز الخطاب الذي ألقته كلينتون أمام اللوبي اليهودي الأميركي المُؤيد لإسرائيل «إيباك»، مُعاتباً إياها بأنّها لم تلفظ كلمة واحدة عن الفلسطينيّين، متسائلاً كيف ستستطيع كرئيسة للولايات المتحدة أن تكون مُنصفة وهي منحازة كلياً لإسرائيل؟ وأنهى ساندرز مداخلته على وقع تصفيق متواصل من الحاضرين.
في المقلب الآخر، يتناحر الجمهوريون ليحصل كلاً منهم على أكثرية الأصوات. فدونالد ترامب كعادته يهاجم المسؤولين في الحزب الجمهوري، بينما يدافع سناتور تكساس تيد كروز عن تصاريح سابقة ينتقد فيها القيم النيويوركية، في وقت يواصل حاكم أوهايو جون كاسيك إقتطاع أكبر عدد ممكن من الناخبين الكبار لمصلحته.
واقع دفعني إلى سؤال المرشح الجمهوري السابق جِيب بوش خلال تجمّع لفريق عمله في واشنطن الأسبوع الماضي فقلت له: في حال وصلنا إلى المؤتمر العام للحزب الجمهوري وليس هناك رابح واضح فماذا سيفعل جيب بوش؟
أجابني بوش أنه سيبقى في منزله في فلوريدا، نافياً بشكل قاطع وجود تواصل مع أي من المرشحين لاختياره نائباً للرئيس. لكنّ بوش في المقابل أوضح أنّ دعمه لتد كروز ناجم من كونه المحافظ الحقيقي ما بين المرشحين الجمهوريين الباقين.
والسؤال الذي لا يزال مدار جدل هو: من هي الشخصية التي ستنقذ الإنتخابات التمهيدية للجمهوريين؟
في موازة ذلك، يبدو لافتاً إعلان اللجنة الوطنية للإنتخابات الرئاسية أنّ التبرعات من الشعب الأميركي لعام ٢٠١٥ لجميع المرشحين من الحزبين بلغت نحو٤٥٠ مليون دولار أميركي لحملاتهم الإنتخابية، وقد تم ّ إنفاق ما يقارب ٣٢٠ مليون دولار حتى الآن.
أمّا في لبنان، ينتظر المواطنون المرشحون إلى الإنتخابات ليدفعوا لهم، ورؤساء اللوائح بدورهم يتلقّون الملايين من الراغبين في الترشّح. لذلك لا يُطالب الفائزون في الإنتخابات بفعل شيئ لمواطنيهم لأنهم دفعوا لهم أتعاب وصولهم، ورؤساء اللوائح أيضاً لا يطلبون شيئاً من زملائهم لأنهم تقاضوا أتعابهم سلفاً.
وبالتالي لا يشهد بلد الأرز ورشة تشريع حقيقية ودراسة مشاريع قوانين، في ظلّ غياب النية بانتخاب رئيس للجمهورية، ورئيس البرلمان يقفل المجلس ساعة يشاء. ما يدفعني الى التشكيك بوجود ديموقراطية إنتخابية في لبنان.
ويبقى أنّ لنتائج إنتخابات نيويورك وقعها على كل مرشح في الحزبين. فكلينتون فازت بنسبة 57,9 في المئة من أصوات الديموقراطيين مقابل 42,1 في المئة لسناتور فيرمونت بيرني ساندرز، الذي نجح في تحدّي السيدة الأولى السابقة بشراسة في نيويورك.
في جانب الجمهوريين، فاز ترامب بنسبة 60,5 في المئة من الأصوات مقابل 25,1 في المئة لحاكم أوهايو جون كاسيك، و14,5 في المئة لسناتور تكساس تيد كروز المحافظ المتشدّد بحسب النتائج شبه النهائية للتصويت.
قبل انتخابات نيويورك وبعد انتخابات ويسكونسن، ربح كروز وساندرز ولايتي كولورادو ووايومنغ ، في وقت تشير الإستطلاعات إلى أنّه على رغم فوز ترامب في ولاية نيويورك، فهو لن يستطيع تأمين ١٢٣٧ صوتاً قبل الإجتماع العام للحزب الجمهوري في تموز المقبل، وهذا الأمر ينطبق على كل من كروز وكيسك.
في السادس من حزيران المقبل، ستتضح صورة إذا ما سيكون هناك رابح أو سيكون هناك مخلّص في الإجتماع العام في تموز.
ويبدو الحزب الجمهوري في مأزق حقيقي، إذ أسرّت لي شخصية جمهورية رفيعة المستوى، إستيائها من الوضع الذي وصل إليه الحزب، الذي باتت خياراته محصورة بين رجل نرجسي(ترامب) وآخر «شفست»(كروز)، مُختتماً حديثه بالقول: «أعان الله أميركا».
• دبلوماسي أميركي سابق