لم ينجح المرشح الجمهوري دونالد ترامب في رأب الصدع الحاصل في جدار الحزب المحافظ، بفِعل شخصيته المُثيرة للجدل وخطابه المُناهض للمؤسسة السياسية. وعلى جري العادة، كان للأميركيين- اللبنانيين قرص في العرس الإنتخابي الأميركي، فانسحب هذا الإنقسام عليهم، وتفرّقوا بين مستشار للملياردير ومؤيّد له بحماس ومُناهض له بشدة.
تعيش ولاية ميشيغن حيث تُوجد أكبر جالية عربية في الولايات المتحدة أجواء إنتخابية حامية. فللمرة الأولى يلمس الرئيس السابق للتحالف الأميركي ـ اللبناني ميلاد زُعرب وجود إقبال لبناني كثيف على التصويت لم تشهده الولاية من قبل.
ويقول زعرب لـ«الجمهورية»: «أنا من المؤيّدين لترامب. إنّ عدداً كبيراً من اللبنانيين والعراقيين واليمنيين، ومن جميع الأديان، مرتاحون للمرشح الجمهوري، ونأمل خيراً له». فالسود والبيض في ميشيغن على حد سواء، يدعمون ترامب بشكل قوي، وفق ما يؤكّد زعرب، مُتأسفاً في الوقت عينه، لإنقسام الجالية العربية بين تأييد المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون ومنافسها الجمهوري.
ويقول: «العملية باتت حامية بين أعضاء الجالية العربية، ولا سيما على وسائل التواصل الإجتماعي، التلاسن كان مؤسفاً. لكنّ أميركا تبقى بلداً ديموقراطياً، ويحق للجميع إبداء آرائهم».
وأكثر ما يُفرح زعرب أنّه يعيش في بلد، ويريد أن يكون جزءاً منه ويمارس حقوقه السياسية.
ولا ينكر زعرب أنّ ترامب إرتكب أخطاءً خلال الحملة الإنتخابية.
وقد أخبر ترامب زعرب بأنّه «ليس لديه مشكلة مع الإسلام، ولكن من يريد القدوم الى الولايات المتحدة، يجب معرفة خلفيته ولا سيما بعد الأحداث الإرهابية التي هزّت أوروبا، للتأكّد ما إذا كان لديه علاقات مع الإرهابيّين أو لا».
ويعزو السياسي الجمهوري، والذي يُعدّ نفسه محافظاً، إنقسام حزبه الى تخوّف السياسيين القدامى من شخصية تأتي الى الحزب من خارج الحلقة السياسية التقليدية، وتسعى الى تغيير الوضع القائم، ما خلق توجّساً عند الجمهوريين القدامى بأن يخسروا مواقعهم.
في الشأن الللبناني، سمع زعرب من ترامب كلام مُطمئناً ووعوداً بأن يبقى لبنان آمناً.
سورياً، يُذكِّر زعرب بأنّ ترامب سبق وانتقد موقف الإدارة الاميركية حيال مقاربتها لهذه الأزمة، وهو سيسعى في حال فوزه إلى إيجاد حل لوقف إراقة الدماء، ومنح الشعب السوري الفرصة ليقرر مصيره، وسيحاول تقليص نفوذ إيران وسعيها إلى الهيمنة في سوريا والمنطقة، مُتهماً إدارة باراك أوباما بمساعدة طهران في تحقيق مبتغاها.
معلوف
على الضفة الأخرى، يُبدي الدبلوماسي الأميركي من أصل لبناني والجمهوري «القِحّ» وليد معلوف إستياءه من المأزق الذي خلقه ترشيح ترامب.
ويقول لـ«الجمهورية»: «إنّه نهار حاسم للتخلّص من ظاهرة ترامب. لسوء الحظ أنا كجمهوري، لا أعتبره جمهورياً، كونه نقل البندقية مرّات عدّة بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري».
ويحمل معلوف الذي يعيش في واشنطن العاصمة بشدة على ترامب، وكل ما يتفوّه به «لسانه المؤذي»، وعدم قدرته على لَمّ شمل الحزب وتوحيده خلفه مثلما ينبغي.
ويقول معلوف: «تعصُّبه وعنصريته ستُخَسِّرانه الرئاسة، وإذا فازت كلينتون، فإنّ أوّل شيء سيقوم به ترامب هو إلقاء اللوم على Establishment، واتهامها بعدم دعمه، وإذا لجأ الى اللوم سيكون آخر مسمار في نعش خسارته».
ويعزو معلوف مسؤولية أن يكون لأميركا مرشّح لرئاسة الجمهورية على غرار ترامب، إلى ثلاثة عوامل هي: تصاعد ظاهرة TEA PARTY المتعصبة والتي بات لديها أعضاء في الكونغرس، وعنصرية ترامب ضد المهاجرين والسود والنساء، وما مارسته محطة فوكس نيوز عبر ثلاثة من مراسليها الإيدولوجيين بدعمهم لقطب العقارات.
ويشير معلوف إلى أنّ قضيتي المحكمة العليا للولايات المتحدة و»أوباما كير»، تشغلان بال الجمهوريين الذين يتطلّعون إلى الفوز في مجلس الشيوخ، ليقولوا كلمتهم في هاتين القضيتين.
فبعد وفاة أحد صقور المحافظين الجمهوريين في المحكمة العليا القاضي أنتونين سكاليا، ووجود ثلاثة قضاة أحدهما مُسنّ وآخر مريض وثالث يرغب بالاستقالة، يريد الجمهوريون تعيين قضاة محافظين، والرئيس المقبل يفترض عليه تعيين 4 جدد، فطبقاً للدستور، تقع مسؤولية اختيار أعضاء المحكمة العليا على عاتق الرئيس، في حين تعود لمجلس الشيوخ صلاحية المصادقة على هذا التعيين أو رفضه.
وفي نظر معلوف ينبغي على الجمهوريين الفوز بالغالبية في مجلس الشيوخ لمنع هيمنة الليبراليين على المحكمة العليا، التي تعتبر بمثابة ضابط إيقاع للمجتمع في اميركا ومنع تمرير تعيين كلينتون لقضاة ليبراليين.
أمّا الأكاديمي الأميركي – اللبناني وليد فارس، والذي عُيِّن ضمن لائحة مستشاري المرشح الجمهوري لشؤون السياسة الخارجية، فآثر التصريح في يوم الإنتخاب، مُفضّلاً انتظار نتائج التصويت.