باسيل لـ«اللواء»: لم نطلب ولم نتبلغ طلباً رسمياً اممياً
لن يؤثر كل الصخب والسجال المفتعلين والمبالغ فيهما حول زيارة بعض الوزراء الى سوريا، أو حول موقف الولايات المتحدة الاميركية بتعديل القرار 1701 ليشمل نشر قوات دولية عند الحدود الشرقية للبنان مع سوريا، على خريطة الوضع السياسي الداخلي ولا على التوازنات اللبنانية الدقيقة المشغولة ببراعة النحات ودقة «الجوهرجي»، مهما بلغ حجم الضغط الداخلي والخارجي على «حزب الله»، طالما ان اي رئيس للجمهورية او للحكومة، او اي طرف سياسي لن يستطيع ان يحتمل مخاطر تغيير هذه التوازنات التي تحكم الوضع الداخلي، بحيث قد يؤدي العبث بها الى تطيير الاستقرار إن لم يكن تطيير صيغة الحكم كلها، وهي صيغة التوافق التي تحكم البلد منذ ما بعد اتفاق الطائف.
وبقطع النظر عما تهدف اليه المساعي الاميركية لتعديل القرار 1701، فإن وزير الخارجية جبران باسيل قال لـ«اللواء» امس ردا على سؤال حول ما اذا كان لبنان قد تلقى اي مطلب اميركي أو أُممي: ان كل ما يُثار حول الموضوع لا زال مجرد كلام، وليس هناك اي طلب لتعديل القرار 1701، وكذلك لم يطلب لبنان اي شيء بهذا الخصوص ولا يوجد موقف رسمي لبناني من الموضوع.
ويعني كلام باسيل ان هذا الموضوع لم يطرح للبحث في مجلس الوزراء لاتخاذ قرار رسمي فيه لأن اي طلب رسمي لم يأتِ الى لبنان، وإن كان البعض يروّج لمقولة إن بإمكان الامم المتحدة تعديل القرار 1701 بناء للفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة. لكن السؤال هنا: هل تسمح بقية الدول العظمى خاصة روسيا والصين بصدور مثل هذا التعديل وبمثل هذا الاسلوب الذي يحاصر سوريا، بما تعنيه الان بالنسبة للروس من قاعدة متقدمة لها في المنطقة، ما يعني التضييق على روسيا ايضاً؟
وبرغم ان الامر ما زال في مجال التكهنات والفرضيات السياسية، وهو مجرد كلام او موقف رسمي اميركي عبّرت عنه السفيرة الاميركية في الامم المتحدة، وقد يكون مجرد طرح سياسي للضغط والابتزاز، فإن مصادر مؤيدي «حزب الله» ترى ان الخطير في الطرح الاميركي لو صحّت جديته وتوجهاته، يكمن في محاولة استرجاع مشروع قديم جرى طرحه إبان حرب تموز 2006، ويقضي بتطويق ومحاصرة ايران وسوريا وقطع الطريق منهما الى لبنان بوضعه تحت المجهر الدولي العسكري المباشر، لمنع وصول اي اسلحة نوعية الى «حزب الله» في لبنان لمنعه من مقاومة اسرائيل. وتقول: انه مثلما تمت مواجهة هذا المشروع وقتها وتم إسقاطه فستتم مواجهة هذا الطرح المستجد وإسقاطه.
قد لا يصل الامر الى حد خلق مشكلة كبيرة تزعزع الاستقرار اللبناني المكفول اقليمياً ودولياً حتى الان، ذلك ان مثل هذا الامر لو طُرح للبحث ولاتخاذ قرار به في مجلس الوزراء، قد يؤدي الى انقسام كبير وربما تطيير الحكومة او شلها، لذلك نشهد توجه الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري الى معالجة اي خلاف بتأجيله او تجميده، وهو الامر الذي سيبقى الى حين إجراء الانتخابات النيابية في ربيع العام المقبل، وتكون من الان الى وقت إجرائها قد اتضحت طبيعة مسار الاوضاع في المنطقة لا سيما في سوريا، وظهرت بشكل اكثر وضوحاً صورة الاستراتيجية الاميركية التي ستعتمد بالتعامل مع المنطقة، حيث يعتبر اكثر من باحث ومتابع محلي واقليمي ودولي وحتى اميركي، انه لا توجد استراتيجية محددة للادارة الاميركية الجديدة في المنطقة العربية، بل مجرد سياسات تعبّر عنها تارة وزارة الخارجية، وطورا وزارة الدفاع، ومرة الكونغرس.
بيد أن ثمة كلاماً جرى تداوله منذ ايام قليلة في مجلس مغلق لمسؤول لبناني كبير سابق، مفاده ان الازمة السورية باتت في بدايات النهاية وسيخسر فيها مشروع التكفيريين والارهابيين لإسقاط الدولة السورية، وان الامور ستتغير في مطلع العام المقبل، ما قد يؤدي الى تغيير في لبنان تكون طلائعه او تباشيره تغيير قانون الانتخاب الطائفي المفصّل على قياسات محددة. ولو صحّت معلومات هذا المسؤول المطلع بدقة على تفاصيل الوضع السوري من القيادة السورية العليا مباشرة، فهذا يعني تغيير الصورة السياسية القائمة حالياً في لبنان لمصلحة تركيبة جديدة، قد يكون من الصعب توقع صورتها النهائية من الآن.