IMLebanon

طلب الترشح للرئاسة واجب أم «مستحب»؟

في «البازار» السائد حول انتخاب رئيس للجمهورية مصطلحات وتعابير تخدش آذان السامع، إن لجهة كيفية استعمالها وإن لجهة النص عليها، ما يتطلب إعادة النظر بأحكامها. ومن ذلك تحرير الطامحين لتبوء سدة الرئاسة من مشقة تقديم طلب ترشح للانتخاب.

فالمادة 49 ـ دستور التي حددت الشروط المطلوبة لـ «الترشيح» وموانعه تجاهلت تقديم الطلب، وهذا ما يتعارض مع المبدأ العام القائل بتلازم الانتخاب مع وجوب الترشح. وهذه مسألة، وإن بدت جانبية، إلا أنها في المبدأ غير ذلك كونها تحمّل من يُنتخب في مثل هذه الحالة أعباء ومسؤوليات لم يجد في شخصه المقدرة على تحملها وإلا كان قد ترشح.

وفتح باب الانتخاب على مصراعيه يطرح تساؤلات عديدة منها ما قد تحقق عملياً في استحقاقات انتخابية سابقة، كانتخاب صاحب فخامة لا تتوافر في شخصه بعض موانع انتخابه في التاريخ الذي انتخب فيه، وكانتخاب آخر لم يكن اسمه مطروحاً في سوق الأسماء التي يجري تداولها حتى عشية ليلة الانتخاب. والسؤال هنا كيف تلاقت إرادة أكثرية ثلثي عدد النواب مع بعضها بين ليلة وضحاها؟

يتبين مما سبق أن عملية التقدم بطلب الترشح ليتم اختيار الرئيس من بين المرشحين فقط ضرورية، لأن الأوراق الثبوتية التي يتقدم بها في الترشح تكون معيار قبول الطلب أو رفضه، على أن يكون ذلك في عهدة المجلس الدستوري تحديداً، باعتبار أن قطع الطريق على المرشح الذي يشوب طلبه ما هو مخالف للقانون قبل إجراء الانتخاب أسهل على المجلس الدستوري من إبطال فوز منتخب للرئاسة، هذا إذا تسنى لجهة مخولة بالطعن في الانتخاب ان تمارس دورها أصلاً. والقول هنا إن مقام الرئاسة لا يقبل فرض شروط كالتي تتطلبها أي انتخابات أخرى ليس دقيقاً، فطلب الترشح لا يكون بعد عملية الانتخاب وظهور صورة صاحب الفخامة إنما قبل ذلك وفي الحالة التي تقبل الفوز والخسارة.

قد يقال إن تحرير الطامحين لتبوء سدة الرئاسة من مشقة تقديم الطلب لينحصر الانتخاب بالمرشحين فقط يضيّق الخيارات أمام النواب للاختيار من بين جميع اللبنانيين ويجعلهم ملزمين باختيار من بين عدد محدد، ولكن حرية الاختيار هذه هي السبيل الأساسي لظهور المفاجآت واطّراد حالة المفاجآت والتسويات و «انحراف الهيئة الناخبة» عن التقييم الصحيح. وقد لا يكون من المغالاة القول إن فرض الترشح يمكن أن يشكل حصاراً على إرادات «المنتخب الخارجي» لجهة الفرض عليه أن يكون مرشحه من بين مقدمي الطلبات، وبالتالي يساهم في كشف سره الذي كان وما زال لا يفصح عنه في معظم المرات إلا عند صياح الديك صباح يوم الانتخاب.

وبصرف النظر عن المعطيات السابقة، يبقى السؤال عن الأسباب التي حررت «المنتخَب الرئاسي» من التقدم بطلب ترشح، فإذا انعدمت الأسباب الواقعية والموضوعية فلتتخذ الإجراءات التي تجعل الانتخاب الرئاسي خاضعاً لتلازمه مع الطلب، فليس من شخص يمكن أن يولّى إذا كان هو لا يرى في ذاته إمكان تحمل المسؤولية ليتقدم بالترشح.