ما زالت أعصاب اللبنانيين مشدودة، وأنفاسهم محبوسة بانتظار القرار الذي سيتخذه حزب الله رداً على الغارة الاسرائيلية، في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة على غير صعيد لإقناع الحزب بالتروي ودرس كل خطوة قبل الإقدام عليها، من أجل تجنيب لبنان تداعيات أية خطوة ناقصة أو غير محسوبة نتائجها بدقة متناهية.
ورغم الصمت الذي لا يزال حزب الله يلوذ به رغم مرور أربعة أيام على الغارة الاسرائيلية الموجعة بالنسبة إليه، فإن موضوع الغارة والردّ المحتمل من قبل الحزب سيُطرح على مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال، وسيُطالب عدد من الوزراء الحكومة التأكيد على التزام لبنان بقرارات مجلس الأمن الدولي، ولا سيّما القرار 1701، لكي يقول من خلال ذلك للعالم مجتمعاً بأن لبنان الرسمي ليس مسؤولاً عن أية قرارات يمكن أن تكون مخالفة للقرار 1701، تتخذ من أي فريق في الداخل أو في الخارج، والمقصود هنا حزب الله وما يمكن أن يفعله رداً على الغارة الاسرائيلية التي استهدفت في الداخل السوري مجموعة من مقاتليه أدت الى استشهاد ستة مجاهدين وفق ما أعلنه البيان الصادر عن الحزب الى جانب ستة من الحرس الثوري الإيراني كما أعلنت طهران كرسالة للعالم ولإسرائيل أنها أصبحت موجودة على الحدود الشمالية لإسرائيل الممتدة من الجولان إلى جنوب لبنان، وهو ما عكسته التهديدات التي أطلقتها إيران بعد غارة القنيطرة، والتي تحمل أكثر من مؤشر على أن المنطقة دخلت في مرحلة خطرة للغاية وقد يدفع لبنان ثمناً غالياً في حال صمّم حزب الله على الدخول في مواجهة مع اسرائيل تنفيذاً للاستراتيجية الإيرانية.
لكن البعض يخالف هذه الاستنتاجات لاعتبارات أخرى مرتبطة بالمفاوضات الإيرانية – الأميركية وحرص طهران على إعطائها مداها وعدم التعكير عليها أو نسفها من خلال التورط في حرب مفتوحة مع الكيان الاسرائيلي، ويراهن هذا البعض على إن إيران ستكتفي بالردود الإعلامية على الغارة وربما طلبت أيضاً من حزب الله أن يتجنّب توريطها في مواجهات عسكرية مع اسرائيل، فيما لا تزال المفاوضات مع الولايات المتحدة حول امتلاكها للنووي تواجه صعوبات كثيرة من بينها استمرار الضغوطات الاقتصادية على الجمهورية الاسلامية.
وفي مطلق الأحوال، ثمة من يريد من الحكومة ويطالبها بإلحاح، أن تتخذ موقفاً حاسماً في هذه القضية البالغة الخطورة، أقلّه إعلان تمسك لبنان بالقرار 1701 وتنصّله من أي قرارات متهورة يتخذها حزب الله رداً على الضربة الاسرائيلية.