إنتهت ثلاثية عين التينة للحوار، فماذا عن الغد؟
وماذا عن الأسبوع المقبل؟
وماذا عمَّا لم يُنجَز؟
وماذا يقول الذين اجتمعوا للناس وللرأي العام؟
بالتأكيد ليس هناك من شيء يقولونه لهم، لأن ليس لديهم ما يقولونه، فالحوارات الجدية لن تكون هكذا، إذا لم تكن هناك آلية لترجمة ما يتم التوصل إليه، وإذا لم يكن هناك راعٍ له، تماماً كما حدث منذ أكثر من ربع قرن في الطائف في المملكة العربية السعودية، وكما حدث في الدوحة، في قطر منذ ثمانية أعوام.
اليوم يحاول القادة اللبنانيون استنساخ ما كان يحدث، من الطائف إلى الدوحة، لكن كيف بالإمكان ذلك إذا كان بعض مَن يجلسون حول طاولة عين التينة، مسؤولين عن التشوهات في تطبيق اتفاق الطائف وعن التزوير السياسي في ما تمَّ الإتفاق عليه في الدوحة؟
فما الداعي إلى الوثوق ببعض هؤلاء في المرة الثالثة، إذا كان أداؤهم في المرتين الأولى والثانية، لم يكن على قَدْر الآمال المعلقة عليهم؟
ربما كان الأجدى عقد طاولة حوار من نوع آخر:
طاولة حوار حياتية معيشية بيئية، تستلهم بنودها من الملفات المطروحة الداهمة التي إذا استمرت فإنها ستؤدي إلى انهيارات اجتماعية وإلى تحركات احتجاجية مطلبية لا تُبقي لا على أخضر ولا على يابس.
الطاولة التي انعقدت في عين التينة إنقلبت إلى ترفٍ فكري أثبت أنَّ السياسيين في وادٍ والناس في وادٍ آخر، فمَن باله في مجلس الشيوخ اليوم؟
وماذا يُقدِّم مجلس الشيوخ اليوم إذا تمّ تشكيله؟
هل البلد بحاجةٍ اليوم إلى مجلسٍ إضافي ليتم تعطيل جلساته، على غرار ما هو حاصل في مجلس النواب؟
هل توضع كل الملفات الداهمة جانباً ليتم الإلهاء والإلتهاء بمجلس شيوخ ليست له الأولوية اليوم؟
المطلوب طاولة حوار من نوعٍ آخر، على جدول أعمالها البنود التالية:
إعلان حالة طوارئ كهربائية، لأنه على ما يبدو فإنَّ البلد قادم على كارثة كهربائية في ظل الحديث المتنامي عن تراجع المعامل في الإنتاج، وفي ظل الحديث المتنامي عن أنَّ بعض المعامل لم تعد تنفع معها عمليات الصيانة، بل إنَّ الأمر يحتاج إلى أدوات إنتاجية جديدة سواء أكانت معامل أم غيرها.
إعلان حالة طوارئ بيئية لأنه على ما يبدو فإنَّ قضية النفايات ستتفاعل سلباً، لأن ما هو مؤقت لجهة تجميع النفايات في برج حمود والكوستابرافا، إقترب من الإنفجار.
إعلان حالة طوارئ مالية لأنه على ما يبدو فإنَّ السخاء في الهدر في بعض الوزارات والإدارارت جعل وزير المال علي حسن خليل يعود إلى المطالبة بوضع موازنة والصرف تحت سقفها، لأن ما هو حاصل تجاوز المعقول.
إعلان حالة طوارئ تتعلَّق بكيفية التعامل مع ملف النازحين:
مليونا نازح وكأن شيئاً لم يكن، فكيف سيتم التعاطي مع شعب آخر وُجِد على أرض لبنان في فترة خمسة أعوام؟
مئات السنين استلزمت لتكوين أربعة ملايين ونصف مليون لبناني، خمسة أعوام فقط استلزمت لتكوين مليوني سوري على أرض لبنان، وهناك تقارير دولية تتحدَّث عن أنَّ الولادات بين النازحين السوريين بلغت نصف مليون ولادة في هذه الأعوام الخمسة. ألا يستحق هذا الملف طاولة حوار في حدِّ ذاتها؟