في إمكان الحوار الثنائي بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” أن يلعب دوراً وطنياً استثنائياً في زمن الفراغ الرئاسي وصعود نجم “داعش” إلى جرود رأس بعلبك، وحيث بات الأمن عنصراً أساسياً يتنافس مع الرغيف وحبة الدواء.
ذلك أن الهجمة الإرهابيّة على البلد المسالم من تلك القمم المشرفة على ثلاثة أرباع الجغرافيا اللبنانيّة من شأنها أن تبعث روح الحميّة والاندفاع في نفوس المرجعيّات، والقيادات، وكل المتعاطين العمل السياسي ومتفرّعاته.
أما الدور المطلوب من “الحوار”، فلا يقتصر على إهداء البلد مناخاً مريحاً يُدخل بعض الطمأنينة إلى النفوس، إنما يمتدّ إلى الوضع الأمني بكل خطورته واستثنائيّته، ودعم الحكومة وإجراءاتها وقراراتها، خصوصاً أنها تواجه تطوّرات بالغة الأهميّة والخطورة، وفي الوقت ذاته تقوم بأعباء المنصب الرئاسي مجتمعة…
وأول بند في “لائحة المطلوبات” يتّصل مباشرة بحكاية تسليح الجيش من فرنسا، وأميركا أيضاً، والتي تكاد تزيح حكاية إبريق الزيت وتقعُد مكانها.
أضعف الإيمان أن يتولّى الحوار، بما يمثّل طرفاه من نفوذ وعلاقات بعواصم القرار إقليميّاً ودوليّاً، متابعة مسألة السلاح والإسراع في مباشرة إيصال دفعاته الأولى على الأقل إلى بيروت، التي تنتظره على أحرّ من الجمر.
الأبحاث والبنود الأخرى في جدول أعمال المتحاورين يُمكن متابعتها وإنجازها لاحقاً، وبعد توفير متطلّبات تعميم الأمن والاستقرار على كل الأراضي اللبنانيّة، من فقش الموج لمرمى الثلج.
أخذ اللبنانيّون علماً بـ”التطوّر الإيجابي للحوار وما نتج منه من أثر لدى الرأي العام”، إلاّ أن ذلك لا يكفي، ولا يُسمن، ولا يغني من جوع وخوف وقلق، ولا يصرف الأنظار والأسماع عمّا يعانيه المواطنون العاديّون في هذه المرحلة غير العاديّة.
فمواجهة الإرهاب وحماية لبنان تتطلّب خطوات عمليّة على أرض الواقع، مدعومة بكل الوسائل والسبل والاستعدادات التي تتطلّبها هذه المواجهة مع إرهاب من هذا النوع، وإرهابيّين من هذا الصنف.
لهذه الأسباب وجد مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان أنّ من المناسب إعلان رأي صريح وحاسم على الملأ، مؤكّداً أن “أي سلاح في الداخل غير سلاح الجيش والقوى الأمنيّة نحرّمه ونجرّمه”.
فالسلاح كلّه، والاهتمام كلّه، والموقف اللبناني الموحّد الذي يشمل لبنان كلّه، يجب أن تصبّ في مصلحة المطلب الوطني المتمثّل حالياً في مواجهة الإرهابيّين والتخريبيّين، والذين يضمرون الشرّ والأذى لهذا البلد البلارئيس ولا رأس.
هذا هو الدور المطلوب من المتحاورين في هذه الفترة العصيبة.