Site icon IMLebanon

المطلوب إعلان حال طوارئ غذائي لا شيء يعلو فوق صحة المواطن

وهكذا ننتقل بكلِّ بساطة من جمهورية الفساد إلى جمهورية المواد الغذائية الفاسدة… وحسناً فعل وزير الصحة وائل أبو فاعور، بغطاءٍ سياسيّ كامل ومباشر من النائب وليد جنبلاط، لكن معاليه يعرف، والشعب يعرف، وهو يعرف أنَّ الشعب يعرف، أنَّ ما كشفه ليس سوى الجزء الظاهر من جبل الفساد، فما هو في العمق، أكبر بكثير وأعمق بكثير وأخطر بكثير… وتسألون بعد:

لماذا تتضاعف الأمراض؟

***

في جمهورية المواد الغذائية الفاسدة يُفتَرض أن تكون الشفافية هي العنوان، فلا ربع حقيقة ولا نصف حقيقة بل حقيقة كاملة، والحقيقة الكاملة لا تُقال مرَّةً واحدة وكفى، بل تُلاحَق يومياً إلى حين إماطة اللثام عن كلِّ فساد مخفي.

وفي جمهورية المواد الغذائية الفاسدة تُفتَرض الجرأة وتسمية الأشياء بأسمائها، وبدقة، لئلا يتسبب التعميم بأخذ الصالح بجريرة الطالح.

***

حسناً فعل وزير الصحة وائل أبو فاعور بقيامه بالخطوة الجبارة، لكنَّ الأمنيات، كل الأمنيات، هي أن تكون الخطوة جزءاً من خطة لا أن تبقى خبطة، وعليه، منذ الآن، أن يبدأ بالردِّ على الأصوات المشكِّكة، التي بدأت تصدر من هنا وهناك وهنالك، عن غياب العلمية في أخذ العيِّنات وعن التأخّر في وصول هذه العينات إلى المختبرات، وعن الكيدية في تسمية مؤسسات والتغاضي عن مؤسسات أخرى…

نحن لا نتبنّى هذه المقولات ولا نقول إنَّ هذه الإتهامات صحيحة، لكن إذا لم يتم الرد عليها، وبالسرعة المطلوبة وبالوقائع المفصَّلة، فإنَّ الناس سيتأثرون فيها، ويُصبح التشكيك بالإجراءات وارداً.

نحن لا نريد للإجراءات أن تنحسر أو تتوقَّف، بل أن تستمرَّ لأنَّ لا شيء يعلو فوق صحة المواطن. ولأنَّ صحة المواطن هي الأولوية فإننا نطالب باسمه أن يُعلَن عن المواد التي يمكن تناولها، لا أن يتمَّ الإكتفاء بالإعلان عن المواد التي لا يمكن تناولها.

لا يملك كلُّ مواطن مركز فحوصات ليعرف الفاسد من غير الفاسد، كلُّ ما يفعله هو أنَّه يدخل إلى السوبرماركت أو المطعم أو المؤسسة ليشتري ما يحتاج إليه، فهل عليه أن يتوجه قبل الوصول إلى منزله إلى مركز الفحوصات المختبر؟

هذا ليس منطقياً، إنَّ هذه المهمة هي من مسؤولية وزارات عدّة مجتمعة منها:

وزارات الصحة والإقتصاد والداخلية والزراعة والسياحة والصناعة والبيئة. إنَّ المطلوب هو إعلان حال طوارئ غذائية وإنشاء ما يمكن تسميته خلية أزمة غذائية، تتألف من تلك الوزارات الآنفة الذِكر ومن مصلحة حماية المستهلِك، وتكون إجراءاتها دورية ومنتظمة وتتناول كلَّ أنواع المواد الغذائية وكلَّ المناطق، هكذا يعرف اللبناني ماذا يأكل وماذا يشرب، فلا تنزل كلُّ لقمةٍ سُمًّا في معدته.

أكثر من ذلك فإنَّ قضية المجارير ومجاري الصرف الصحي يجب إيجاد حلٍّ جذريٍّ لها، فلا يجوز أن تُحوَّل إلى السهول والمزروعات ثم تبدأ الفحوصات، المطلوب منع إيصالها إلى المزروعات، وذلك من خلال إنشاء معامل التكرير في أكثر من منطقة لبنانية، ومن السهل الإستعانة بدول سبقتنا في هذا المجال للإفادة من خبرتها.

***

البلاد مقبلة على موسم أعياد، وهناك رهانٌ على إنتعاش السياحة ولو لأسابيع، فهل بالإمكان إعطاء جرعة أمل للمواطن وللمغترب وللسائح، بدلاً من إعطائهم جرعة سمّ؟