IMLebanon

المطلوب حماية رياض سلامة  كما حمى الإستقرار النقدي

في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، دبَّ الهلع النقدي في لبنان بعد وصول احتياط المصرف المركزي اللبناني إلى أقل من مئتي مليون دولار، فبدأت اجتماعات مع البنك الدولي لأخذ الإحتياطات اللازمة لتدارك ما هو أسوأ.

اليوم، احتياط المصرف المركزي من العملات الصعبة يبلغ عشرات المليارات من الدولارات، والفضل في ذلك يعود إلى مهندس السياسة النقدية في لبنان، الحاكم رياض سلامة.

في مطلع التسعينات من القرن الماضي، شهد لبنان ما كان يُعرَف بتعثُّر المصارف، وتلك الحال كانت تسبب هلعاً للمودعين في أي مصرف كان، إلى أن عُيِّن رياض سلامة حاكماً لمصرف لبنان، فقال كلمته الشهيرة:

ممنوع تعثُّر أي مصرف، وهكذا كان.

في الفترة ذاتها كان هناك تلاعب بأسعار الدولار مقابل الليرة اللبنانية، وكان يتولى هذا التلاعب بعض المصارف، جاء رياض سلامة حاكماً لمصرف لبنان فثبَّت سعر الليرة حيال الدولار الأميركي، وشهد لبنان إستقراراً نقدياً منذ ربع قرن أي منذ تعيين رياض سلامة حاكماً لمصرف لبنان في صيف العام 1993.

في أكثر من مرة انتُخِب رياض سلامة كأفضل حاكم مصرف مركزي عربي، ونال الجائزة تلو الجائزة بسبب أدائه الفذ في هندسة السياسة النقدية اللبنانية التي حازت إعجاب الخبراء المصرفيين في العالم، فكم من أزمة مالية عالمية استطاع لبنان تجنبها بسبب السياسة التي انتهجها رياض سلامة؟

حين اتخذت واشنطن قراراتها المالية، توجَّهت الأنظار إلى لبنان الرسمي:

كيف سيتعاطى مع هذه القرارات؟

فهناك مجلس نواب وهناك تشريعات مالية، وهناك حكومة وهناك قرارات تصدر عن مجلس الوزراء الذي هو السلطة التنفيذية، فلماذا وضع حاكم مصرف لبنان في الواجهة وحده، هو حاكم مصرف لبنان وليس حاكم لبنان، وأي قرار يتخذه يكون بالتشاور مع أعلى السلطات التشريعية والتنفيذية في البلد. القاصي والداني يعرف ذلك، فلماذا المزايدات ودفن الرؤوس في الرمال؟

قبل استفحال هذه الأزمة، ألم يقُم وفد وزاري ونيابي بزيارة واشنطن للبحث في هذه القضية؟

فماذا فعل؟

وماذا كانت حصيلة جولته؟

لماذا لا يقدِّم للرأي العام ما حققه وما لم يحققه؟

لا بد، حيال ما يجري، من وضع النقاط على الحروف منعاً للغش والتضليل:

الحسابات المدرجة على اللوائح الأميركية في أنحاء العالم وضعتها واشنطن وليس لبنان.

المواجهة هي من واشنطن، وليس بين حاكم مصرف لبنان والمصارف وحزب الله، فلماذا تضييع البوصلة؟

هناك من يحاول ضرب الإقتصاد اللبناني من خلال وضع المشكلة المصرفية بأنها محلية بحتة.

مع ذلك فإنَّ قلّة قليلة من المصارف في وضع لا تُحسَد عليه:

إذ لا يمكن لأي مصرف عالمي أو لبناني إلا أن يتعامل مع القرار الأميركي و بلوم بنك واحد منها، وإذا لم تتجاوب كان جزاؤها العقوبات الأميركية. ولأن الأمر كذلك فإنَّ المصارف ستفتش عن حماية لها لأنها مسؤولة عن إيداعات اللبنانيين وكل المستثمرين، فالذين يزايدون عليها لا يملكون الضمانات لإبقائها خارج الإستهدافات الأميركية، فإذا ما خاطرت المصارف فمَن يضمن لها الحماية من العقوبات الأميركية؟

ما حصل يؤكد خطورة الأوضاع، وهذا ما دفع الرئيس الحريري إلى القول:

إنَّ تفجير بيروت عمل مخابراتي بإمتياز يتخذ من تهديد المصارف منصة لتهديد الإستقرار، وهو رسالة خطيرة تستدعي تحركاً عاجلاً من الحكومة والهيئات المعنية لمعالجة التداعيات.

السؤال هو:

هل يتم التحرُّك قبل فوات الأوان وقبل إنهيار لا سمح الله آخر مدماك في الهيكل؟