في الظاهر هي خطة اقتصادية إنقاذية أقرّها مجلس الوزراء.
في الباطن هي خبطة أرادها “العهد القوي” ليُسجِّل إنجازاً يكرسه منقذ البلاد من الضلال، ولو على الورق. كما يريد أن يُسوِّق ويُصدِّق.
أما على أرض الواقع، فكل ما يحصل يترجم التخبّط المستمر لهذا العهد الذي سيسجل التاريخ انه بصم على انهيار الاقتصاد اللبناني بليرته وقطاعاته المصرفية والاستشفائية والتعليمية، من دون تأمين أي بديل لإلحاق البلد بعواصم المحور الإقليمي المجيد من بغداد الى صنعاء الى دمشق.
والأهم من دون محاسبة أي فاسدٍ خوفاً من إنهيار أحجار الدومينو، ما سيفضح الجميع، وتحديداً الذين أمعنوا في النهب والتشاطر، وحسبوا أنهم فوق الغربال.
وبعد… ماذا تفيد الدعوة الى قصر بعبدا غداً الأربعاء؟
ماذا سيبحث المدعوون المتهمون بكل الموبقات التي أدت الى إفلاس البلد، وهم مدانون في قاموس صاحب الدعوة وفريقه السياسي ومن يقف خلفه ويدير عملية تغيير هوية لبنان؟
ولم يبحثوا في الأساس؟ أي بحث سيثمر بعد هذه الحماوة التي طبعت كل المواقف النارية والقصف المتبادل بالبيانات؟
بداية، كان من المفترض بحث الخطة الاقتصادية ومناقشتها وشرحها قبل ولادتها في مجلس الوزراء. وليس بعد انتهاء الخبراء والمستشارين من عصفهم الفكري. والأهم قبل مسارعة رئيس الجمهورية الى دمغها بدمغة “اليوم التاريخي”.
هذا هو المنطق، اذا سلَّمنا بأنها مدروسة ودقيقة ونهائية، وتحديداً بعد استتباعها بتوقيع رئيس الحكومة ووزير المال على طلب مساعدة صندوق النقد الدولي. لذا تبدو بدعة لا مكان لها تلك الدعوة الرئاسية لأمر حُسِم وأصبح نافذاً حكومياً وينتظر إقراره في القنوات الشرعية لمجلس النواب. وربما كان للدعوة منطقها، إذا ما تمت بعد دخول الخطة حيز التنفيذ. ليتم البحث والنقاش على أرض الواقع بهدف تبيان إيجابياتها وسلبياتها ودراسة جدواها، فيصار الى التعديل والترميم حيث يجب، وفق الأرقام والمعطيات الواضحة.
لحظة!! لا يزال الإلتباس قائماً. فالخطة حتى تاريخه هي حبر على ورق. لا مفعول لها. وستبقى أوصافها “المجيدة” حشواً غير بلاغي، ما لم يستجب صندوق النقد الدولي لطلب المساعدة وما لم تتفعل قنوات مؤتمر “سيدر”.
ولا يكفي أن يعتبرها “العهد القوي” “خبطة معلم” تضاف الى سجل الإنجازات، في ظل كل هذا التخبط المحيط بها، شكلاً ومضموناً.
أم أن المسألة تقتصر على الشكل، الذي يعتبره رأس الهرم لازماً ليحفر مكانته في التاريخ بعد اقتناعه بإنتصاراته المتوالية وصولاً الى إلغاء كل من يقف في طريقه أو الى جانبه شريكاً مضارباً؟
أو أن إثارة كل هذه السجالات والصراعات السياسية التي تصب في قنوات مذهبية، لها أوعيتها المتصلة بما يحصل على الأرض، سواء في القمع العنيف للمتظاهرين، ودس المخربين في إطار الهجمة على المصارف، بما شكل أرضية شرعية تدين هذا القطاع وتبرر عدم إشراكه في الخطة الاقتصادية، وكأنه المجرم الوحيد، تمهيداً لإبتلاع الديون التي يتوجب على الدولة اللبنانية تسديدها له. وتحديداً بعد الإشارة الى أن تمويل مشاريع الفساد كان يتم عبر خزينة الدولة، وليس من أموال المودعين التي أُدرجت في خانة الغيبة الصغرى، مع التمهيد الواضح لإدخالها في نفق الغيبة الكبرى؟