Site icon IMLebanon

التغطية السياسية للخطّة الإنقاذية… مؤمّنة أو مؤجلّة؟

 

لا تزال الحكومة منكبّة على إعداد خطة الإنقاذ الإقتصادي التي تتطلب جهداً خاصاً لتطبيقها كي لا تلقى مصير سابقاتها.

 

بغض النظر عن مضامين الخطة وخطوطها العريضة إلا أن هناك ملفاً يبقى نافراً وهو يشكل الجزء الأكبر من “البلاء” الذي وصل إليه الواقع الإقتصادي، وهو إقرار خطة إصلاح الكهرباء التي تكلّف الدولة أكثر من ملياري دولار في السنة.

 

ومعروف أن وزارة الطاقة والمياه كانت مع “التيار الوطني الحرّ” منذ العام 2008، وهذا “التيار” يتحجج دائماً أنه “ما خلونا نشتغل”، علماً أن الدولة لم تتأخر يوماً في صرف إعتمادات للكهرباء، كذلك الأمر بالنسبة إلى السدود حيث كان آخرها إعادة العمل بسدّ بسري على رغم أن البلاد مفلسة.

 

وفي سياق الخطة الإقتصادية المنتظرة، يبقى الأساس تأمين الغطاء السياسي لتطبيقها فعلياً، وهذا الغطاء تؤمّنه على الأقل القوى الموجودة في الحكومة وعلى رأسها “حزب الله” وحركة “أمل” و”التيار الوطني الحرّ”.

 

وحتى الساعة لا يبدو أن هناك توافقاً على كل النقاط بين هذه القوى وأبرزها الإستعانة بصندوق النقد الدولي، وفي حين أن “التيار الوطني الحرّ” لا يعارض الإستعانة بهذا الصندوق، إلا أن “حزب الله” لا يزال متحفظاً على هذه النقطة، إذ تؤكّد المعلومات أن كل الإتصالات التي تجرى وحتى النقاشات داخل الحكومة لم تقنع “الحزب” بتغيير نظرته إلى الصندوق، ولا يزال يطرح تحفظات عدّة أبرزها أن البلاد ستصبح تحت وصايته وبأن هذا الأمر سيترك مجالاً أكبر للنفوذ الأميركي في البلاد.

 

ويصرّ “الحزب” على أن المطلوب هو إجراء إصلاحات داخلية ومحاربة بؤر الفساد ووقف الهدر في إدارات الدولة، وإعادة الرساميل التي خرجت من لبنان بعد ثورة “17 تشرين”، مما يعوّم القطاع المصرفي بدل طلب المليارات من صندوق النقد لضخ السيولة في السوق.

 

وعلى هذا الأساس يبقى الكباش قائماً بين “حزب الله” والمصارف ولم توقفه الحلحلة في قضية صغار المودعين على رغم تجاوب المصارف لتخفيف الضغط عليها، وبالتالي فإن هذا الكباش الحاصل قد يفرمل أي حل مقبل لأن بعض أركان الحكومة يعتبرون أن المصارف هي جزء أساسي في عملية النهوض، وضربها يعني ضرب بنيان النظام المالي اللبناني على رغم كل التجاوزات والإرتكابات التي حصلت في السنوات الماضية.

 

وفي سياق البحث عن اي خطة مقبلة وتطبيقها، فإن المعلومات تؤكّد أن بعبدا منفتحة على أي حلّ، لكنها تريد خطة كاملة متكاملة وأن تطبق فعلاً لا أن تبقى حبراً على ورق، وهذه الخطة يجب ان تلحظ الخلل البنيوي الحاصل منذ العام 1990 وحتى يومنا هذا، مما يساعد على بناء إقتصاد منتج حتى لو تحمّل الشعب اللبناني بعد، إلا أنه يجب ان يحصل على نتيجة.

 

ويعتبر الإستقرار السياسي من أهم شروط نجاح أي خطة إقتصادية، وهذا الأمر غير مؤمن في الوقت الحالي إذ إن الرئيس حسان دياب ليس رئيساً للحكومة إلى أجل غير مسمى، كذلك فإن قوى عدّة مشاركة في الحكومة تبدي إنزعاجها منه وهي تقتنص الفرصة للإنقضاض عليه.

 

ومن جهة ثانية، فإن الثلاثي المتمثل بـ”حزب الله” و”أمل” و”التيار الوطني الحرّ”، وعلى رغم أنه متفق على الخط الإستراتيجي إلا أنه مختلف كثيراً في التكتيك، وخلافاته تطفو على سطح العمل الحكومي، ما قد يهدد بانفجار الحكومة من الداخل في أي لحظة، وهذا الأمر كاد أن يحصل أثناء التعيينات المالية لولا سحب دياب فتيل التفجير.

 

ويظهر من كل هذه الوقائع أن الحكومة قد تقر الخطة الإنقاذية لكن التغطية السياسية للتنفيذ لا تزال غير متوافرة ما يدعو إلى تشاؤم في إمكان تنفيذها، وسط استغلال القوى المشاركة في الحكومة لحظة الكورونا لتمرير ما تشاء.