IMLebanon

الباحثون عن الرئاسة في معركة حلب!

عون يطرق باب الحريري.. وفرنجية لا ينظر خلفه

عشية جلسة 8 شباط لانتخاب رئيس الجمهورية والتي جاءت كسابقاتها، أبلغ ديبلوماسي أميركي شخصية لبنانية معنيّة بالاستحقاق الرئاسي أنه «إن لم يتم انتخاب رئيس للبنان في جلسة 8 شباط، فأنا أخشى من ان يتأجل هذا الامر، ربما الى ما بعد الصيف المقبل».

وعندما سئل الديبلوماسي الاميركي عن سبب التأجيل، أجاب: «تطورات المنطقة قد تسبق لبنان، وقد لا يستطيع اللحاق بها».. ولم يوضح أكثر.

يزداد المأزق الرئاسي تعقيداً، إلا اذا تم سلوك أحد طريقين: إما انسحاب ميشال عون لمصلحة سليمان فرنجية.. أو العكس!

كلا الطريقين مستبعد. قال فرنجية كلمته، ولا ينظر الى الخلف، حدد هدفه ويسير في اتجاهه كالسهم، يرفض فكرة «المرشح الأصلي» و«المرشّح التايواني»، أو ترسيخ مقولة «المرشح الاوحد الحصري الذي لا مرشح سواه». ففيه تتوفر كل مواصفات الرئيس، وترشيحه كامل الأوصاف المسيحية والميثاقية والوطنية، ويمتلك من عناصر الدعم والقوة المحلية والاقليمية والدولية، ما يجعله يلقي كرة الإقناع للقريب والحليف «أنا الضمانة.. أنا الانتصار للخط.. وأنا صمام الأمان لفريقنا السياسي». وفي المقابل يلقي كرة الانسحاب في الملعب البرتقالي: «مع تعذر انتخاب عون، صار لا بد من كسر الدوامة بالانتقال الى الخطة ب التي تستوجب من الجنرال أن يدعم وصول رئيس تيار المردة الى رئاسة الجمهورية».

في الرابية، تصلّب ممزوج ببعض الغضب. ثقة كبيرة بسمير جعجع، ولا تواصل مع بنشعي، ممنوع الكلام عن الخطة «ب»، بل لا يعترف بوجودها، ويمنع على محدثه حتى مجرّد الحديث عنها ولو لفظا. ترشيحه مستمر حتى النهاية، ولن ينسحب حتى ولو استمرت الرئاسة معلقة لسنوات. ولا يتردد في القول ان على فرنجية أن ينسحب. ولأن زعيم «المردة» ليس في هذا الوارد، يتمنى عون لو يضغط «حزب الله» على فرنجية. لكن اجواء الحزب لا تشي بأنه سيتدخل.

يعترف العونيون بصعوبة إزاحة فرنجية الذي لا يرى «ان من المنطق الخروج من معركة يبدو انه يقترب من حسمها لمصلحته»، لذلك يقول العارفون ان في المحيط العوني همسا عن توجه برتقالي لمحاولة فتح الابواب الداخلية المغلقة، ولسلوك مسارات داخلية اخرى، وربما في الخارج، لعلها تتجاوز تلك الصعوبة وتفتح طريق الجنرال الى القصر الجمهوري من خلال الخطوات التالية:

ـ استمرار الانفتاح على وليد جنبلاط، وبوتيرة أسرع وأكثر زخما من ذي قبل.

ـ الانفتاح على سائر القوى المسيحية، وعلى وجه الخصوص تلك التي تملك تمثيلا نيابيا.

ـ الانفتاح على الرئيس نبيه بري بوصفه قوة أساسية لها ثقلها السياسي، وفي صندوقة الاقتراع الرئاسية، وبوصفه المعبر الإلزامي السياسي والقانوني والدستوري لأية جلسة انتخابية. وهذا يتطلب اولا وقف إطلاق النار معه، وبالتالي الدخول معه في جلسات مكاشفة ومصارحة بما يعيد ترميم العلاقة بينهما.

ـ التوجه الجدي الذي لا بد منه نحو سعد الحريري بوصفه المكوّن الميثاقي.

فرنجية واثق من صدق الحريري ودعمه ترشيحه، وهذا معناه استحالة ان يدعم الحريري عون، ولكن في المحيط العوني من يبحث عن الرئاسة في الميدان السوري، ويعتقد ان الحريري لا بد أنه يقرأ الخريطة العسكرية في الشمال السوري وصولا الى معركة الحسم المنتظرة في سوريا.

يعتقد العونيون أن هناك إمكانية لحصول تبدل في موقف الحريري. يتحدث هؤلاء عن همس جدي في الاوساط اللصيقة بالحريري، مفاده ان الوضع الميداني الذي يشهد منذ فترة تدحرجا لمصلحة النظام السوري وحلفائه في سوريا، ينذر بأن «التطورات الاقليمية المقبلة لن تكون لمصلحتنا، خاصة في ظل التحضيرات العسكرية والميدانية لمعركة حلب. وبالتالي قد يكون من الأسلم، اختصار الوقت والذهاب حاليا الى دعم عون رئيسا، فمن شأن ذلك ان يشكل جسرا لترؤس الحريري الحكومة. ولكن ان تدحرجت الامور اكثر وخدمته التطورات، ونحن ضده، فقد لا نجد لنا مكانا في رئاسة الحكومة».

يرى أصحاب هذا المنطق، ان ترجمة هذا الهمس لا بد ان تأتي سريعة وقبل معركة حلب، لاستباق نتائجها بقطف الثمار السياسية والحكومية، لأن الترجمة ان تأخرت الى ما بعد معركة حلب، فمعنى ذلك ان كل شيء سيتعلق على ميزان الربح والخسارة. وان حصل وحسم النظام السوري وحلفاؤه (وفي مقدمهم حزب الله) هذه المعركة، فسيفرض ذلك ميزانا جديدا في الداخل، ويعدل من مواقف القوى الداخلية، وربما الخارجية، وقد يشرع باب بعبدا واسعا أمام عون.

في موازاة ذلك، هناك من يقول ان كلّ هذا «الهمس» المنسوب الى الاوساط اللصيقة بالحريري يبقى مجرد كلام، أو «تمنيات عونية»، ما دامت المبادرة الباريسية على قيد الحياة، وما دام الموقف السعودي لم يتبدل حتى اليوم منذ الفيتو الشهير الذي وضعه سعود الفيصل على اسم عون.a