IMLebanon

فتشبّهوا…

كنت غارقاً في متابعة تفاصيل التظاهرات المليونيّة التي غطت الأحد شوارع مدن فرنسية مثلما ملأت ساحة الجمهورية في باريس، حين وقع نظري مصادفة على الإعلان اللافت لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، والمنشور على صفحة كاملة في “النهار” أمس.

بتمعُّن وتأمُّل راجعت الدعوة الأولى من نوعها لأكبر تجمّع حكومي عالمي، والموجَّهة إلى خمسين حكومة، وستين شخصية “من أبرز القادة والوزراء والمتحدّثين العالميّين” لطرح قضايا الساعة بالنسبة إلى العالم العربي والعالم بأسره، و”التعرُّف على أفضل الممارسات الإداريّة في المجال الحكومي”، والتطرّق الى “حكومات المستقبل” كيف تكون، ومن يكون أعضاؤها، وعمّا تتحدّث برامجها…

فرحت لدولة الإمارات وهنأت حكومتها، وشعبها، ولم أستطع إلا أن أقارن بين هذه الدولة الشقيقة الفتيّة ولبنان الموغل في القدم، وفي كل أنواع الفساد والانحطاط الأخلاقي والوطني. ناهيك بالتشتّت والتشرذم والسكوت عن فضيحة الفضائح المتمثّلة بـ”نقع” لبنان بلا رئيس للجمهورية منذ ثمانية اشهر، والخير لقدّام.

وكأنني تلك اللحظة قد رغبت في مخاطبة اللبنانيّين وحثّهم على الوعي والنهوض من نومة أهل الكهف. فوجدتني أدعوهم إلى أن يتشبّهوا إن لم يكونوا مثلهم. وهم في الواقع ليسوا مثلهم… ولن يتشبّهوا أبداً بتاتاً.

ثم عدت لمتابعة الاستمتاع بالهبّة الفرنسيّة الشامخة ضد الإرهاب الذي يحاول أن يلقّن أم الحرية وأمة الأحرار درساً في الانصياع والخوف، وهي التي لم ترهبها آلة الموت والدمار التي قادها مجنون الحرب العالمية الثانية أدولف هتلر.

صحيح أن موجة الإرهاب “الجديد” تدقّ أبواب العالم بعدما حطّمت معظم الأبواب في المنطقة العربيّة، ودقّت بفرنسا وبأحد العناوين البارزة في قاموس الحرية، إلا أن كلام وزير العدل الأميركي اريك هولدر قد فتح طاقة واسعة لدخول القلق إلى قلب أوروبا وصدر البيت الأميركي.

وخصوصاً حين يعتقد “أن احتمال تنفيذ هجمات من هذا النوع قائم في الولايات المتحدة… بصراحة هذه المسألة تؤرقني”.

إنه الإرهاب. وليس من المنطق والصواب انتظار وصوله لأخذ الحيطة والحذر. فهو لا يدقّ الأبواب. ولا يتواعد مع الذين يريد أن ينتحرهم وينتحر بهم، بل يفاجئ “أهدافه” على غرار ما حصل في مقهى جبل محسن.

وفي هذا المقام، على اللبنانيّين أن يدركوا ويتفهّموا أنهم وحدهم مَنْ سيواجه الإرهاب. سواء في الشمال، أو الشرق، أو الجنوب، أو في قلب العاصمة بيروت.

وتطوّر ميداني بهذه الخطورة يحتاج إلى دولة مستنفرة بكل مؤسساتها. والدولة تحتاج إلى رئيس قائد. والفراغ قد احتل المنصب وحلّ محل الرئيس.

الاتكال على الحوار…