IMLebanon

أهالي عين دارة يواجهون فتوش: استثماراته تدمر البيئة

في النقطة الأعلى من ضهر البيدر، تقع الكسّارات الأشهر في لبنان. إنها كسّارات “الإخوة فتوش” (بيار وموسى شقيقي النائب نقولا فتوش)، الذين ادّعوا سابقاً على الدولة اللبنانيّة بتهمة تعطيل أعمالهم، وربحوا الدعوى في مجلس شورى الدولة، الذي قضى بمنحهم تعويضات بملايين الدولارات (لم تُسدَّد حتى الآن)، لتصبح هذه الكسّارات عصيّة على كلّ تنظيم ورقابة.

لم يكتفِ “الإخوة فتوش” بذلك، فها هم اليوم يسعون إلى إضافة معمل إسمنت جديد إلى “إمبراطوريتهم”، سيشكّل الضربة القاضية لبيئة المنطقة، ما دفع “هيئة المبادرة المدنيّة في عين دارة” بمشاركة المجلس البلدي، إلى تنظيم رحلة جبليّة لمعاينة التشويه الذي لحق بطبيعة المنطقة نتيجة الكسارات، وللاطلاع على الضرر الذي ستتعرّض له المناطق المحيطة من المعمل المزمعة إقامته.

إذاً، النزاع لن يتوقف قريباً بين شركة “فتوش للمقاولات” وأهالي عين دارة. وبحسب عضو “هيئة المبادرة” روجيه حدّاد، “القضية لم تعد محليّة”، حيث من المزمع إنشاء مشروع معمل الإسمنت على مساحة مليون ومئتي ألف متر مربّع في خراج البلدة، وفي النطاق الجغرافي لمحميّة “أرز الشوف” وبالقرب من مجرى نهر الدامور، بحيث تثير مساحته، وهي أكبر بخمس مرّات من مساحة معمل شكا للترابة، المخاوف من أضراره على الصحّة العامّة والبيئة.

رحلة المعمل الذي نُقل من زحلة إلى عين دارة تحوم حولها الشبهات، يقول حدّاد: “هناك فضيحة بيئيّة واجتماعيّة واقتصاديّة مقترنة بالمعمل. لقد أعطى وزير الصناعة حسين الحاج حسن رخصة لإقامته، ثمّ ألحقت بتقويم لتقرير الأثر البيئي صدّق عليه وزير البيئة محمد المشنوق في آب 2015 وأصرّ على نكرانه. فيما يُنتظر الحصول على رخصة من وزارة الصحّة. هدف هذا المعمل طحن دمار سوريا وتحويله بودرة للإسمنت، ونحن متخوّفون من لعبة سياسيّة لتمريره”.

بالنسبة إلى بيار فتوش، إن “حملات حماية البيئة مجرّد ادعاءات تضليليّة تبتعد عن الحقيقة، بحيث تلفّق التهم عن موقع الكسّارات لتشويه سمعتنا”. يلعب فتوش على حاجات الناس المعيشيّة، ويدعّم موقفه بكون مشاريعه “تؤمّن فرص عمل لأبناء عين دارة”، متغاضياً عن الأثر الذي ترتبه على صحة الناس والبيئة من جهة، وبكونه “حصل عام 1994 على تراخيص تكرّست بأحكام قضائيّة تؤكّد متابعة استثمارها” من جهة ثانية.

يتّبع فتوش أسلوب كمّ الأفواه دفاعاً عن مشاريعه واستثماراته المدمّرة للبيئة، فهو سبق له أن أدعى على ثلاثة من أبناء عين دارة، أعلنوا رفضهم للمشروع على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن اقتحم ومرافقيه مبنى البلدية لتمرير معاملة استحداث المعمل، وها هو يجدّد تهديده باللجوء إلى القضاء مدرجاً ذلك ضمن خانة “الافتراء والقدح والذمّ وتشويه السمعة”، باعتبار أن هذه الرخص تتضمّن “إنشاء واستثمار كسارات ومقالع بموافقة الإدارات المسؤولة، وبما يتوافق مع المعايير دولياً”. وصوّب اتهاماته على “أصحاب المقالع والكسارات التي تعمل دون تراخيص بحماية من سياسيين”، لأنها بنظره تصطفّ وراء الحملات التي “تتطاول عليه بوقاحة”.

يصف حدّاد كلام فتوش بأنه “ربط نزاع في السياسة من خلال تصويبه على كسّارة وليد جنبلاط المجاورة لكسّارته، والتي لا نقلّل من ضررها”. يتخوّف من تكرار سيناريو الـ2010، عندما كتب جنبلاط مقالة في جريدة “السفير” بعنوان “هؤلاء الذئاب الذين يأكلون الجبال”، ليردّ عليه مطران زحلة أندره حدّاد ويتّهمه “بتهجير المسيحيين”. فحُلّ السجال بتوزيع الكسّارات على أساس طائفي. يتابع حدّاد: “نخاف من التعتيم على القضية عبر قاعدة تقاسم المغانم وفق المحاصصة الطائفيّة”.