Site icon IMLebanon

إقالة في صيغة الإستقالة

 

الإستقالة والإقالة تتمّان بالشروط عينها. في الحالتين، هناك مرجع واحد يُقرّر ما إذا كانت إقالة أو إستقالة، وهي عندما تحصل ستكون إقالة مُلَطّفَة بصيغة إستقالة.

 

المرجع الذي يُقرّر مصير حكومة حسّان دياب هو “حزب الله”. صحيحٌ أنّ الحزب لم يتحدّث تفصيلياً في الموضوع، لكنّ “النواة الصلبة” التي يقودها لم تهتزّ إزاء استقالات وزراء من غير المحسوبين مباشرة على هذه “النواة”، وقبل أيّام، عندما استقال وزير الخارجية ناصيف حتّي في ظروفٍ أقلّ خطورة بما لا يُقاس مِمّا حصل بعد تدمير نصف بيروت، سارع تحالف الحكم الى تعيين بديل منه خلال 6 ساعات أو أقلّ، ولا شكّ في أنّ فكرة إعادة الكرّة مع حالات الإستقالة الجديدة، راودت هذا التحالف الذي فقد أي حسّ بالمسؤولية الإنسانية والوطنية.

 

ليست الإستجابة لصرخة المواطنين وقبلها مطالبهم عنصراً محدّداً في بقاء الحكومة أو رحيلها، وهي لم تكن يوماً كذلك، فالعنصر المحُدِّد لِقيامها واستمرارها كان تحقيق مصلحة “حزب الله” السياسية، وضمان موقف رسمي لبناني مُنحاز الى “مِحور المُمانعة”، وهذا ما قامت به حكومة دياب بنشاط: فتحت مشكلة مع أميركا عبر سفيرتها، ولم تبذل جهداً في استعادة العلاقات مع العمق العربي، وتقطّعت سُبل تواصلها مع أوروبا، فيما نشط مُرشِدوها في التنظير لمحاسن التوجّه شرقاً… وفي الداخل، لم يقتنع أحد بنسبة الإنجازات المُحَققة (97 في المئة)، في وقت انهارت فيه كافة القطاعات، وضاعت مدّخرات اللبنانيين في زواريب الهدر والفساد وديون الدولة.

 

لم يتسبّب تفجير بيروت برمشة جفنٍ لحكومة دياب، لأنّه لم يعنِ شيئاً لمُشغّليها، وحتى اللحظة الأخيرة كان هؤلاء يحاولون الإبقاء عليها.

 

في ايران التي كانت شديدة الإهتمام بـ”استقرار” لبنان، حرص المتحدّث باسم الخارجية عبّاس موسوي على إعلان تمسّك طهران بدعم “الحكومة والشعب اللبناني… ونحن نقف الى جانب الحكومة “فيما” بعض الدول سعت بنِفاق لإظهار التضامن… لكن لو كانت صادقة في سلوكها فلترفع الحظر عن الحكومة…”!

 

استطراداً، كان ينبغي أن يحلّ نائب روحاني اسحق جهانغيري في بيروت أمس للقاء دياب الى جانب آخرين، الّا أنّ الزيارة لم تحصل، ما يُعتبر إشارة الى أنّ ما يحصل في بيروت يتخطّى رغبات الإيرانيين ويُعاكسها، لجهة اضطرار مؤسّسي الحكومة الى إقالتها بصيغة الإستقالة، تحت ضغط شعبي صريح، رافقته استقالة وزراء يُعتَبرون ورقة تين “تكنوقراطيتها”، في مناخٍ دولي متعاطف بقوة مع اللبنانيين…

 

سينتهي عهد “الحكومة الديابية”، بالرغم من تمسّك “المِحور” بها حتّى النهاية، لكنّ أسخف تلاعب في عقول اللبنانيين إرجاع سبب نهايتها المُحزنة الى طرح البروفسور فكرة الإنتخابات النيابية من التشاور مع حُماته!