IMLebanon

الإستقالة إعلامية  أكثر منها سياسية

في ربيع العام 1972، وبعد الإنتخابات النيابية، واثر إعلان النتائج، لم يكن أحد يتصور أنَّ المرشح عن المقعد الأرثوذكسي، النائب الراحل موريس فاضل سيقارع الرئيسين رشيد كرامي وأمين الحافظ في عدد الأصوات التي نالها، فموريس فاضل لم يهبط بالباراشوت على المدينة بل هو فيها منذ ذلك التاريخ.

بقي نائباً عن المدينة عشرين عاماً، حتى العام 1992، وبهذه النيابة شارك في مؤتمر الطائف، وكان دوره أساسياً في التشديد على حقوق الطائفة الأرثوذكسية وعلى الحضور المسيحي في الشمال عموماً وفي طرابلس خصوصاً.

كان يُركّز على هذا الحضور، لأنه استشعر باكراً خطر الإنحسار عن المدينة التي ضربتها موجات من الحروب، وكانت في كل مرة تخرج مثخنة بالجروح.

استشعر موريس فاضل أنَّ الرصاصة تُسكِت الكلمة، وأنَّ أصوات المدافع تُخفت صوت العقل، فمارس النيابة بالإنماء من خلال المساعدات التي كان يقدمها لبناء مدينة طرابلس من دون تمييز على الهوية، ويتذكَّر أبناء المدينة أنَّ مساعداته الإنمائية لم توفِّر شيئاً:

من مولدات الكهرباء، إلى المياه، إلى المساعدات الطبية والمدرسية، وكل ذلك بصمت حيث ندَر أن أدلى بخطاب أو موقف إلا عند الضرورة. كان يفضل العمل داخل المجلس النيابي لمكافحة الفساد والإهدار، وكان يعتبر أنَّ تغيير الطبقة السياسية الفاسدة هي مسؤولية كل مواطن. كما كان دائماً الرجل الموجود في الظل الذي يساهم في حلِّ العديد من المشكلات.

عام 1992 لم يترشح للإنتخابات النيابية لأنه استشعر الموجة المسيحية التي كانت تعارض إجراء الإنتخابات، فانتُخِب مكانه سليم حبيب، لكنه عاد وانتُخِب في عام 1996 وعام 2000 ونال أعلى الأصوات تماماً كما الأصوات التي نالها عام 1972، وأُعيد انتخابه ايضاً عام 2005.

عام 2009 لم يترشَّح للإنتخابات النيابية، بعدما اقعده المرض، فترشَّح نجله روبير ودخل الندوة البرلمانية للمرة الأولى وذلك على قانون الستين، الذي دخل من خلاله والده موريس نائباً للمرة الأولى عام 1972.

حين دخل موريس فاضل الندوة البرلمانية للمرة الأولى عام 1972، كان عمر النائب روبير فاضل سنتين، ولكن بعد انتخابه عام 2009 لاحظ الطرابلسيون خصوصاً واللبنانيون عموماً انه لا يشبه والده من حيث الوجود المميّز الثابت.

قدَّم اهتمامه بأعماله التجارية التي ورثها عن والده على عمله النيابي، إبتعد عن الناس وعن الإعلام أي أهل الفكر والكلمة، فلم تُسجَّل له أية علامة فارقة في أدائه النيابي.

أسلوبه في الإنكفاء وعدم المواجهة ظهر من خلال تقديمه استقالته من مجلس النواب، وهي استقالة إعلامية أكثر منها سياسية، فمجلس النواب الحالي الممدد له مرتين، تنتهي ولايته بعد سنة تماماً، وهو بهذه الإستقالة يريد أن يُجيِّش الناخبين للإنتخابات النيابية عام 2017، أكثر مما يريد الإنكفاء، لأنه لو كان حقيقةً معترضاً على تهميش المسيحيين، لكان رفع الصوت في أكثر من مناسبة عند تهميشهم الذي لم يبدأ بنتائج انتخابات طرابلس.