Site icon IMLebanon

استقالة الحكومة الآن

شكلت هذه الحكومة برئاسة الرئيس تمام سلام الذي سمّاها “حكومة المصلحة الوطنية” تحت عنوان واقعي بسيط هو فصل الخلافات الوطنية الكبرى عن قضايا الناس الحيوية. يومها وصف الرئيس سعد الحريري الحكومة التي جرى البحث فيها ولما يجف دم الشهيد محمد شطح بعد بـ”حكومة ربط نزاع”، بمعنى ان الخلافات الكبرى لا تزال عالقة بين خطين أساسيين متعارضين في البلد، لكن ثمة رغبة من الطرفين المتصارعين في العمل على تخفيف احتقان الشارع مذهبيا وصب الاهتمام على التصدي للمشاكل الحياتية والمعيشية للمواطنين بعد مرحلة الانحدار التي بدأت بتشكيل “حكومة اللون الواحد” برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي.

اليوم بعد مرور ما يقرب العامين على تشكيل “حكومة المصلحة الوطنية”، يستحيل القول إنها تستحق العيش ولو ليوم واحد اضافي، بعدما فشلت في اداء المهمة الاساسية المنوطة بها، أي معالجة مشاكل الناس الحياتية والمعيشية ولو بحدودها الدنيا، وفضيحة النفايات أبلغ مثال على الفشل الذريع للحكومة. معلوم ان فضيحة النفايات ليست محصورة داخل جدران الحكومة نفسها، ولا تختصر بفشل وزير من هنا او لجنة من هناك، فأطراف الازمة الحقيقيون موجودون خارج قاعة مجلس الوزراء، أكانوا قادة سياسيين أم شركاء لهم من رجال الاعمال المافيويين، او حتى مافيا الميليشيات المسلحة. المؤسف أن فضيحة النفايات ليست المشكلة الوحيدة التي تعانيها الحكومة الحالية، ويستحيل تسجيل نجاح واحد في رصيدها على مختلف الصعد. وإذا كان هناك من يقول ان الحكومة تسهم في تخفيف الاحتقان السياسي والمذهبي في الشارع، فهناك من يجيب بالقول إن الحوار الثنائي بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، والتحولات السياسية التي طرأت على مواقف قوى كبرى من تحالف ١٤ آذار ( ترشيح فرنجيه – عون) هي التي تعطل الانفجار الكبير في لبنان.

على الرئيس تمام سلام أن يرفض أن يلقب تارة بـ”دولة الصبر”، وطورا بـ”ايوب العصر”، فيما هو رئيس لحكومة فاشلة لا يعيرها أصحابها الحقيقيون اي اهتمام سوى عندما يهدد رئيسها بالاستقالة، وذلك ليمنعوه من الاستقالة. وعليه أن يضع استقالته علنا على الطاولة لكي يوقف أقله هذه الفضيحة الكبرى المسماة “ازمة النفايات”، وذلك بوضع الجميع امام مسؤولياتهم.

نقول هذا لان مسؤولية سلام هي ان يكون اولا وآخرا خادما لشعبه، وليس اسيرا لواقع سيئ، و لا مسايرا لواقع مافيوي يفوقه قوة و نفوذا.

لو راجع الرئيس سلام مسيرة حكومته بموضوعية، على صعيد الاداء، و المسؤوليات، و النجاحات و الاخفاقات في مختلف المجالات، لوجد ان بقاء الحكومة على ما هي عليه، هو بمثابة القبول بما لا يمكن القبول به. وللقائلين بأن استقالة الحكومة مرفوضة لانها تؤثر على الاستقرار الداخلي، نقول ان الاستقرار الداخلي، قرار حمايته او الاخلال به يقع خارج السرايا في الوقت الراهن. لذلك على سلام أن ينزع من قلبه الخوف والتردد وان يقلب الطاولة فيما يشرف لبنان على الغرق تحت أطنان من النفايات.