Site icon IMLebanon

مصداقيّة استراتيجية المقاومة

 

منذ اربعين عاما، انطلقت المقاومة اللبنانية ضد العدو الاسرائيلي الذي اجتاح لبنان، واحتل العاصمة بيروت واحرقها بالقصف المدفعي والقصف الجوي وبقواته البرية المدرّعة التي دخلت الى بيروت وشوارعها.

 

بدأت المقاومة اللبنانية بالبندقية، وتصاعدت هذه المقاومة الى قاذفات تضرب التحصينات ومراكز العدو في بيروت. ولم يمر وقت قليل حتى حصل اكبر انفجار في مركز مخابرات العدو الاسرائيلي في صور، حيث تم تدمير هذا المركز بطوابقه التسعة وقتل كل من فيه، وكانت ضربة قاصمة قاضية للمخابرات الاسرائيلية في جنوب لبنان من صيدا وحتى الحدود ما بين لبنان وفلسطين المحتلة.

 

اشتعلت المقاومة في بيروت ضد العدو الاسرائيلي، وبدأ جنود وضباط جيش العدو الاسرائيلي يذيعون بمكبرات الصوت وهم ينادون المقاومين: لا تطلقوا النار، اننا منسحبون من بيروت. لكن المقاومة اكملت قتالها، وألحقت هزائم عديدة بالقوات الاسرائيلية في العاصمة بيروت، حيث كان ينسحب جيش العدو الاسرائيلي من بيروت بسرعة باتجاه الجنوب اللبناني.

 

لم يصمد الجيش الاسرائيلي في بيروت امام ضربات المقاومة ولا على طريق الجنوب، واحتل منطقة الشريط الحدودي، واقام منطقة في الشريط عززها بجيشه ، وقام بتجنيد شبان لبنانيين كانوا جيش سعد حداد، ثم اصبحوا جيش انطوان لحد. ورغم القرار 425 الذي قضى بانسحاب الجيش الاسرائيلي من الشريط الحدودي المحتل الذي استمر 12 سنة، الا ان المقاومة كانت تسدد له كل يوم ضربات قوية، حتى وقعت الهزيمة في جيش العدو الاسرائيلي وانسحب عام 2000 مهزوما، واغلق الابواب خلفه تاركا حتى مجندين لبنانيين كانوا تابعين له، واغلق ايهود باراك يومذاك كل الابواب التي هي على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة.

 

سجلت مصداقية استراتيجية المقاومة انتصارا قويا بانسحاب العدو الاسرائيلي من الشريط الحدودي مع لبنان الى فلسطين المحتلة، وكانت هذه المصداقية تظهر بوضوح بنقل لبنان من وطن ضعيف الى وطن قوي يواجه الجيش الاسرائيلي ويهزمه. وباتت سيادة لبنان على كامل اراضيه على المستوى الحدود مع فلسطين المحتلة، ولم يعد الجيش الاسرائيلي يتنزه في الاراضي اللبنانية كما كان يفعل قبل عدوانه وحربه عام 1982، حيث لم يكن يحترم سيادة لبنان واراضيه وسيادة شعب لبنان على ارضه.

 

عام 2006 حصلت حادثة بين المقاومة ودورية اسرائيلية، حيث تم خطف جنود اسرائيليين الى داخل الاراضي اللبنانية من قبل مقاومين مجاهدين، فاعلنت اسرائيل الحصار على لبنان من كل الجهات، وشنت عدوان حرب سنة 2006، حيث دفعت بقواتها البرية لتحتل جنوب لبنان باتجاه صيدا وبيروت، لكنها فشلت فشلا ذريعا، ولم تستطع التقدم اكثر من بنت جبيل، حيث رفض كل ضباط العدو من قادة الوحدات التي حاصرت بنت جبيل الدخول اليها، لان طرقاتها ضيقة والدبابات الاسرائيلية ستصاب اصابات قاتلة، وحصلت مجزرة الدبابات الاسرائيلية التي قام مجاهدون من المقاومة باطلاق عشرات الصواريخ على دبابات الميركافا الاسرائيلية ودمروا حوالى 30 دبابة، ووقعت خسائر كبيرة في صفوف المدرعات الاسرائيلية.

 

حتى ان لواء غولاني، الذي يعتبره الجيش الاسرائيلي لواء النخبة، وقع في كمين في قرية مارون الراس واصيب بخسائر من قبل المقاومة اللبنانية، بعد ان خرج المجاهدون من انفاق في مارون الراس والتفوا خلف لواء غولاني واطلقوا النيران عليه واصابوه بخسائر فادحة.

 

مصداقية استراتيجية المقاومة نجحت نجاحا باهرا، وجعلت من لبنان الدولة العربية الاقوى في وجه اسرائيل، وتم رسم الخط الازرق على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، ولم يعد الجيش الاسرائيلي يدخل الى الاراضي اللبنانية، لانه يعرف ان المقاومة ستتصدى له وتضربه ضربات قاسية.

 

مصداقية استراتيجية المقاومة، تجلت في منع قيام اي فتنة طائفية او مذهبية على الاراضي اللبنانية، رغم الاستفزاز الذي كانت فئات لبنانية تقوم به في كل المجالات، خصوصا على خطوط التواصل الاجتماعي ضد المقاومة، لكن مصداقية استراتيجية المقاومة كانت اقوى، ومنعت اي فتنة مذهبية او طائفية وابقت الوحدة الوطنية اللبنانية.

 

بعد ذلك، حصلت الحرب الكونية على سوريا بواسطة السلفيين التكفيريين «داعش» و «جبهة النصرة» وغيرهم، فهبّ حزب الله الى سوريا للقتال، وحقق انتصارات ضد السلفيين والتكفيريين الى جانب الجيش العربي السوري. وكانت الخطة تقضي باسقاط النظام السوري وتغيير النظام كله وجعله سلفيا تكفيريا، ودعمت دول عربية وتركية واميركا مخطط الحرب السلفية التكفيرية ضد سوريا، لكن حزب الله أدى دورا كبيرا عبر مقاومته الى جانب الجيش العربي السوري في إلحاق الخسائر الكبيرة بـ «داعش» و»جبهة النصرة».

 

كذلك استطاع حزب الله منع العمليات الارهابية التي قام بها السلفيون في لبنان واوقفوها ومنعوا تكرارها.

 

اما قمة القتال والبطولة، فكانت حرب الجرود التي قادها حزب الله مع الجيش اللبناني، فاجتاحت قوات حزب الله جرود عرسال والجرود كلها، كما اجتاح الجيش اللبناني سهول القاع والحدود ما بين لبنان وسوريا وازالوا «داعش» و «جبهة النصرة» من سوريا، وهزموا السلفيين والتكفيريين الذين دعمتهم اكثر من 20 دولة، وسلّحتهم وقامت بتمويلهم لضرب سوريا وتغيير النظام واسقاطه واسقاط الجيش العربي السوري، ودفعوا اموالا لحصول انشقاقات داخل الجيش العربي السوري، لكن المؤامرة فشلت على سوريا بفضل الجيش العربي السوري وقوات حزب الله التي قاتلت قتالا مريرا على جبهات عديدة على مدى الاراضي العربية السورية.

 

منذ 200 عام والصهيونية العالمية تخطط لاغتصاب فلسطين، ومنذ 75 سنة حصلت النكبة واغتصبت الصهيونية فلسطين عام 1948، ثم حصلت النكبة الثانية عام 1967 عندما اكمل جيش العدو الاسرائيلي حربا خاطفة على الدول العربية واحتل الضفة الغربية والجولان وسيناء، لكن الامور تغيرت لاحقا مع كامب ديفيد، باستثناء الرئيس الراحل حافظ الاسد الذي رفض اي اتفاق مع العدو الاسرائيلي للتطبيع ، وبقي الجولان محتلا ، مع ان الجيش العربي السوري قضى ستة اشهر في حرب استنزاف مع قوات العدو الاسرائيلي في الجولان بقصف مدفعي مستمر، الى ان توقف هذا الامر وبقي الجولان محتلا، لكن الرئيس الراحل حافظ الاسد رفض توقيع اي اتفاق تطبيع او سلام مع العدو الاسرائيلي، والاعتراف باسرائيل دولة ذات سيادة على فلسطين. وكانت الولايات المتحدة تقدم الاغراءات لسوريا كي تعترف باسرائيل دولة ذات سيادة على فلسطين، الا ان الرئيس الراحل حافظ الاسد والشعب السوري رفضا كليا هذا الطلب، وبقيت سوريا حتى اليوم ترفض التطبيع او القبول بسيادة اسرائيل على ارض فلسطين.

 

مصداقية استراتيجية المقاومة هي المنتصرة، وقائدها سماحة السيد حسن نصرالله لا يلين، بل هو مستمر في استراتيجية المقاومة، وزاد من قوة المقاومة اضعافا واضعافا، هو القائد الذي لم يخسر معركة، هو القائد الذي اعطى انتصارات لها روح إلهية، واعطى للمجاهدين الصبر وحب الجهاد والاندفاع الى القتال حتى الاستشهاد.

 

بفضل سماحة السيد حسن نصرالله انتصــرت مصداقية استراتيجية المقاومة، وهي بعد 40 سنة تقاوم اسرائيل من الند الى الند، لان اسرائيل التي تهدد بحرب تخاف من اي حرب مع المقاومة التي يقودها سماحة السيد حسن نصرالله.