لا يشعر رؤساء البلد، ولا وزراء خارجيته ولا قياداته المنخرطة في محور الممانعة والتبعية لسورية ـ الأسدين أو للجمهورية الإسلامية الإيرانية، أو المدينة لهما بزعامتها بغضاضة من تكرار بعض العبارات بشكل آلي، كما كانت الحال أيام الوصاية السورية، “أن وجود الجيش العربي السوري الشقيق موقت وضروري إلى أن يُستكمل بناء الجيش الوطني ويصبح قادراً على القيام بدوره”. ومن أسباب تمسك لبنان الرسمي بالجيش السوري التصدي لتهديدات العدو! وكان التجديد للقوات السورية المحتلة، تحت مسمى قوات الردع العربية، يتم آلياً لكن في حزيران من العام 1983، اختارت الحكومة اللبنانية ألّا تجدد لقوات الردع العربية هذه. وفي العام 1988 طلب لبنان رسمياً، عبر حكومة العماد عون انهاء وجود سوريا في لبنان إلا أن سورية لم تسحب قواتها وأصرّت على بقائها طالما هناك حاجة لوجودها. ولم تطبق سورية إعادة نشر قواتها كما نص الطائف، فيما غطى ببغاوات الحكم في لبنان وجودها في كل المحافل، هم من “روكبت” ألسنتهم على “موقت وضروري”، على الرغم من القرارات الدولية. قبل انسحاب سورية بأسابيع، كان الممسكون بالسلطة ما زالوا يرددون أن لبنان لا يزال بحاجة إلى الجيش السوري إلى أن يصبح الجيش اللبناني قادراً على بسط سلطته. انسحب جيش سورية وتبين أن الجيش قادر. والمضحك أن يوم قررت سورية سحب قواتها في العام 2005، لم تشر إلى ان انسحابها جاء إثر إغتيال الرئيس الحريري والمد الشعبي الجارف الذي طالبها بجلاء جيشها، إنما جاء إنفاذاً للقرار الدولي الرقم 1559!
وكما يزنّ المسؤولون على نغمة “موقت وضروري” يزنّون على ثلاثية “الشعب والجيش والمقاومة” كلما دق الكوز بالجرة، أو دق الأهالي باليونيفيل يردد المسؤولون العبارة الجميلة “التزام لبنان بالقرارات الدولية”، وكلما ألح عليهم المجتمع الدولي والعربي باستكمال حل الميليشيات يرددون أن “حزب الله” مقاومة وينتفي دوره المقاوم بعد انسحاب إسرائيل من أراضينا المحتلة، كما أن لـ”الحزب” تمثيله البرلماني.
فهل إذا انسحبت إسرائيل غداً تذهب صواريخ الحزب بعد غد إلى مستودعات الجيش؟ حتماً لا.
وإن قرر الولي الفقيه أمراً يمس سيادة لبنان أيمكن لنواب كتلة الوفاء للمقاومة أن يعترضوا؟ طبعاً لا.
في العام 1979 غنت وردة في مسلسل “أوراق الورد”:
“أنا عندي بغبغان / غلباوي بنص لسان
بيلفظ اللي أقوله / ويذاكره الليل بطوله
والصبح ألقاه يقوله / ويعيده لوحدو كمان
زي التلميذ الشاطر بيذاكر الإمتحان”
في الأمورالمصيرية، وأمام أي امتحان، يتصرّف معظم رؤساء لبنان ووزراؤه ويصرّحون زي البغبغان الشاطر. مع الفارق ان “بغبغان” عبد الوهاب محمد، بخلاف ببغاواتنا، خفيف الظل.