Site icon IMLebanon

المقاومة اللبنانية

 

 

سلّموا سلاماً، أوْ سلّموا جَدلاً… وتوقّفوا عن هذا الجدَل العقيم حول أجناس الإنتصار والإنكسار، مع أنّ السلطان محمد الفاتح لا يزال يطوّق القسطنطينية.

 

صدَق الرئيس نبيه برّي: «اللحظة اليوم هي لحظة تاريخية وليست لحظةً للمحاكمة…»، أيْ لو شئنا أنْ نفتح أبواب المحاكم إزاءَ الذين ارتكبوا المعاصي السياسية والخطايا الوطنية لكان معظم الذين جلسوا على كراسي الحكم، يجلسون اليوم على الكرسي الكهربائي.

حسَناً، لقد حقّقنا انتصاراتٍ ومكاسب، فتعالوا نستثمر ما نعتبره انتصاراً ونستخلص ما نعتبره عِبَراً.

بعد البيان الأميركي معطوفاً على القرارات الدولية، وبسْطِ سلطة الدولة المطلقة على الأرض وحصر السلاح ونزع السلاح.

فهل تظلّ «المقاومة حاضرةً لمنعِ العدّو من استضعاف لبنان؟».

ولأنّ موضوع سلاح المقاومة يشكّل مادة جدال وانقسام ومشاحنات، فلا بدّ من توضيح مفهوم المقاومة نشأةً وتشكيلاً، دوراً ومهمات:

1- المقاومة في المطلق هي حركة مدنيّة تقوم على مواجهة الإحتلال برعاية شرعية، ومن مهمّتها الدفاع عن الوطن حصراً وليس الهجوم، وعندما تتخطّى المقاومةُ حدودَ الوطن للدفاع عن أوطان الآخرين تصبح مرتزقة لا مقاومة.

2- المقاومة في لبنان، ليس من مصلحة لبنان، وليس من مصلحة «حزب الله» أن يحتكرها وحده، حتى لا تدّعي إسرائيل – وقد ادّعَتْ – أنّها لا تستهدف اللبنانيّين بل تحاربُ «حزبَ الله» الذراعَ الإيرانية في لبنان، والأذرع قد تسبّبُ الذرائع.

3- مع التسليم، بأنّ إسرائيل لا تحتاج إلى ذريعة لشنِّ عدوانها، إلّا أنّها حين تبادر هي إلى الإعتداء على لبنان، يصبح على اللبنانيين جميعاً أنْ يواجهوا إسرائيل، ومن يتخلّف عن هذا الواجب يكون ساعتئذٍ خائناً.

 

4- أنْ تكون الحرب الإسرائيلية على لبنان، والجيش اللبناني هو الذي يتولّى مسؤولية الأمن في الجنوب، فإنّ العدو الإسرائيلي لا يعود يستهدف طائفة معيّنة ومناطق معيّنة، وقادة «حزب الله» دون غيرهم.

مع الملاحظة بأنّ الجيش يمتلك قوةً شرعية وحصانةً دولية والتفافاً شعبياً، ويحظى بطاقة لبنانية مؤازرة في المغتربات لدى المجتمع الدولي.

5- عندما تكون المقاومة إسلامية في لبنان، فقد تبدو كأنّها تدافع عن وطن مسلم، ما يُثيرُ حفيظةَ الطوائف الأخرى ويطرح في المقابل جدَلية التوازن حيال عسكرةِ الطوائف.

من هنا، يقتضي الفصل بين ازدواجية المقاومة من حيث المنطلق والهويّة والإنتماء والأهداف.

إذا كان هناك موجبٌ تاريخي قومي عربي أخلاقي ديني لتحرير فلسطين من إسرائيل فهذه مسؤولية إسلامية قومية عربية جامعة ومشتركة.

وعندما يكون هناك موجب قومي وطني ومصيري لوجود مقاومة في لبنان، فيجب أن تكون المقاومة مقاومة لبنانية حصراً، لا تُختَصر بحزب، ولا تُحتكَر بطائفة، ويقتصر دورها على الدفاع عن لبنان ومساندة لبنان، إنطلاقاً من الوحدة الوطنية ووحدة ساحات لبنان.

أمّا بعد، وقد تجلّت مؤشِّراتٌ متفائلة في ارتفاع وتيرة الخطاب الوطني، مع بروز العلم اللبناني إلى جانب علم «حزب الله» في بعض المشاهد والإطلالات، فهذا يعني تجديد الخيار وتحديد وجهة الإنتشار.

فتعالوا إذاً، إلى لبنان الوطن النهائي، إلى كلمةِ سواء مع «الأخ الأكبر» الرئيس نبيه بري، وقد رأى أنّ الإمتحان الأكبر «هو امتحانٌ لكلِّ لبناني، للشيعي قبل أيِّ لبناني آخر، إمتحانٌ كيف ننقذُ لبنان وكيف نبنيه وكيف نحميه؟».

 

إنّها الفرصة الأخيرة أمام مرآة التاريخ، لننقذَ لبنان ونبني لبنان ونحمي لبنان.

أمَّا أن نحميه من أنفسنا، فقد يحلّ إذ ذاك بلبنان مهدِ الحضارة والرسالة، ما حلَّ في ألمانيا النازية ذات يوم، وهي البلد الذي أعلنه الفيلسوف الإلماني «هيغل» مهداً للحضارة والفكر.