IMLebanon

«إسرائيل» قرأت رسائل المقاومة.. متى تقرأها الدولة اللبنانية؟!

 

 

«إسرائيل لم تعتد القبول بنسبة 45% في التّفاوض مع العرب»..

هذا ما نقله الوسيط الأميركي السّابق «فريدريك هوف» عن رئيس الوفد الإسرائيلي للتّفاوض حول ترسيم الحدود البحريّة مع لبنان.

 

يوم اقترح «هوف» الخطّ الّذي سمّي باسمه، والّذي يقضي بإعطاء لبنان 55% من مساحة 860 كلم بين الخطّين 1 و23 وإعطاء العدوّ الإسرائيليّ 45% من تلك المساحة.

لكنّ الظّروف تغيّرت، والحرب في «أوكرانيا» منحت العدوّ الإسرائيلي فرصة تاريخيّة لدخول نادي الدّول المصدّرة للغاز، والانضمام إلى منظّمة «أوبيك +».

ومن منطلق ترجيح الأَولى وافقت «إسرائيل» على ما هو أبعد من خطّ «هوف» مقابل تنازل لبنان عن التّلويح بالمطالبة بـ «الخطّ 29» على أن تضاف تعرّجات تعطي لبنان كامل «حقل قانا» المحتمل.

على هذا الأساس بنى لبنان موقفه الأخير الّذي أبلغه رئيس الجمهوريّة إلى الوسيط الأميركي الحالي «عاموس هوكشتين» الّذي أبدى مرونة وارتياحاً لموقف لبنان، ووعد بردّ سريع من الجانب الإسرائيلي.

الرّدّ الّذي حملته السّفيرة الأميركيّة في لبنان «دوروثي شيا» إلى الرؤساء الثلاثة بقي طيّ الكتمان.

ورغم تأكيد مصادر قريبة من قصر «بعبدا» على حصول تقدّم في ملفّ التّرسيم، إلّا أنّ «حزب الله» عبّر عن رأي آخر من خلال المسيّرات الثّلاث الّتي حلّقت فوق حقل «كاريش».

فما الّذي دفع الحزب إلى هذه الخطوة التّصعيديّة؟

يقول أحد المتابعين والمطّلعين على تفاصيل ملفّ التّرسيم أنّ الرّدّ الّذي حملته «شيا» تضمّن تهديداً للمقاومة، ونوعاً من التّعالي على لبنان.

وخلاصة الرّدّ الإسرائيليّ يتلخّص في الآتي:

– ترحيب «إسرائيل» بالتزام لبنان حدود «الخطّ 23» و«اعترافه» بـ «الخطّ 29» منطقة خالصة لها!

– استعداد «إسرائيل» للتّفاوض مع لبنان على حدود «الخطّ 23» والعودة إلى طاولة التّفاوض في النّاقورة.

– تمسّك «إسرائيل» بـ «حقّها» في «حقل قانا» المحتمل.

– استعداد «إسرائيل» للذّهاب بعيداً في الدّفاع عمّا تعتبرها حقًّا لها، في المياه الفلسطينيّة المغتصبة أصلاً، وبالتّالي الاستمرار في العمل فوق «حقل كاريش».

النّقطة الأخيرة هي لبّ المشكلة، فالعدوّ الإسرائيلي أخذ من الموقف اللّبناني نصفه؛ الّذي يقول بالقبول بالخطّ 23 + «حقل قانا» كاملاً، أمّا النّصف الآخر من الموقف فهو وقف العمل فوق «حقل كاريش» بانتظار توقيع الاتّفاق النّهائي والسّماح للبنان البدء بالتّنقيب عن ثرواته بالتّزامن مع عمليّات التّنقيب من جانب العدوّ.

المسيّرات الثّلاث أكملت نصف الموقف الآخر، وأوصلت للعدوّ رسائل عدّة، نكتفي بإيراد ثلاثٍ على عددها:

– المسيّرات الثّلاث مختلفة الأنواع، وهذا دليل على امتلاك المقاومة ترسانة كبيرة ومتنوّعة منها، والكلّ يدرك مدى خطورة وفاعليّة هذا النّوع من الأسلحة في الحروب الحديثة، والحرب في أوكرانيا، وقبلها في اليمن، خير دليل على ذلك.

– المسيّرات غير مسلّحة، وهذه إشارة إلى عدم رغبة «حزب الله» بالذّهاب إلى حرب كبيرة، وأنّ باب التّفاوض ما زال مفتوحاً مع الدّولة اللّبنانيّة، ولكن التّفاوض من موقع القوّة والجرأة والقدرة على التّعامل مع الحرب إذا فُرضت.

– المقاومة قبلت بموقف الدّولة اللّبنانيّة، رغم حملة التّخوين الّتي نُظّمت ضدّ الرّئيس «ميشال عون» على خلفيّة الجدل حول «الخطّ 29»، ولكن هذا لا يعني القبول بالتّنازل عن أيّ نقطة دون ذلك!

في الخلاصة، دخل ملفّ التّرسيم مرحلة جديدة حسّاسة وحاسمة، ولدى لبنان فرصة لفرض شروطه على العدوّ الّذي يسعى جاهداً لاستغلال حاجة أوروبا وأميركا لغاز شرق المتوسط، واقتناص فرصة الانضمام إلى نادي الدّول المصدّرة للطّاقة.

فهل تقرأ الدّولة اللّبنانيّة رسائل المقاومة كما قرأها كيان العدو؟!

لا يبدو الأمر كذلك بعد تصريح وزير الخارجيّة اللبناني الذي تمنّى لو لم تحلّق المسيّرات فوق «كاريش»!!