«راحت الـ600 دولار يا حاج»، يقول أحد الشباب الذين تخلت عنهم «سرايا المقاومة» مؤخراً في منطقة البقاع الغربي، بسبب رفض الأخير، ومجموعة معه من المغرّر بهم داخل الطائفة السنية تحت نير الأوضاع المعيشية الصعبة، القتال الى جانب «رجال الله» في القلمون.
فالحزب، وبعد أن بدأ يشعر بمشكلة تعبوية داخلية خصوصاً خلال معركة القلمون الأخيرة، والخسائر الكبيرة التي مُني بها في صفوف قياداته خلال المواجهات مع «جيش الفتح في القلمون»، بدأ العمل لإنشاء خلايا نائمة تابعة له داخل مناطق البيئة المعادية له ولمشروعه، خصوصاً في المناطق السنية كما هو حاصل في منطقة البقاعين الأوسط والغربي وصيدا والإقليم وطرابلس وبيروت وعكار، عبر أدواته وأزلامه الموجودين في تلك المناطق.
واستغل الحزب الأوضاع المعيشية المزرية التي يمر بها شباب تلك المناطق، وعمل وفق خطة ممنهجة من أجل إحداث خرق في هذه البلدات، مقدماً لكل عنصر راتباً شهرياً يرواح ما بين الـ400 والـ600 دولار أميركي مع سلاح حربي من نوع «كلاشنيكوف» ورخصة «حماية موكب» من أجل عدم التعرض له من قبل القوى الأمنية والعسكرية، بحسب ما كشفت مصادر مواكبة للملف في منطقة البقاع في حديث الى «المستقبل»، مشيرة الى أن «في الأسابيع الماضية أقيمت دورة عسكرية خضع لها أكثر من خمسين شابا من مناطق يسكنها سنّة ترواح أعمارهم ما بين الـ 15 والـ35 سنة».
غير أن عقلاء تلك البلدات، ومن بينها بلدة سعدنايل في منطقة البقاع الأوسط، التي انتفضت في وجه النظام السوري و«حزب الله» إبان اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري واختارت النهج الإستقلالي في عام 2005 متخذة خط عدم الخضوع لمحور إيران سوريا، رفضت هذا الواقع المرير ودفعت بكل قواها من أجل إقناع عدد من الشباب المغرر بهم داخل بلدتهم والذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة في ترك هذا المشروع الذي يعادي بيئتهم واهلهم ، مستندين الى ما قامت به هذه القوى ضد أهالي البلدة خلال أحداث 7 أيار عام 2008.
مصدر من داخل البلدة، يكشف لـ«المستقبل» أن «عدداً من الشبان داخل البلدة عملوا على بعض هذه الحالات وأستطاعوا إخراج المغرر بهم من هذا الخط، وهو ما بدا جالياً من خلال انشقاق الشاب (ت.ش )، الذي عاد عن هذا السبيل. وطلب من أخيه (م.ش) ان ينشر بالنيابة عنه بياناً بذلك على الفيسبوك. يعلن عبره انسحابه من «سرايا المقاومة»، فهو لا يملك حساباً شخصياً على الفايسبوك.
وجاء في نص البيان :«باسم الله الرحمن الرحيم»، (كل ابن آدم خطاء، وخير الخطَّائين التوّابون) حديث شريف،
بين الجد واللعب، وبين التغرير وفلسطين استطاعوا اقناعه بأنهم مقاومة ويريدون مواجهة العدو الإسرائيلي وتحرير فلسطين !عندها أصبح أخي أحد الشباب المغرر بهم في سعدنايل، البلدة التي ولد فيها وعاش بين أهلها الطيبين الشرفاء الذين قدموا العديد من الشهداء بالمواجهة مع إسرائيل. استطاعوا ان يحجبوا بصره عن مجازرهم بحق الأطفال الرضع والنساء في سوريا تحت حجة الخطر القادم. لكنهم قبل فوات الأوان لم يقدروا أن يعموا بصيرته بفضل الله. من هنا يعلن أخي توبته لله وحده من ما يسمى سرايا المقاومة طامعاً أن يغفر له خطأه بحق نفسه وأهله وبلدته.ابن سعدنايل( ع. ش) 18/05/2015».
ويتابع المصدر: «ان الحزب لديه خطة لما بعد سوريا، خصوصاً لما بعد سقوط النظام هناك، وهو يحاول أن يخلق خلايا نائمة داخل مناطق البيئة المعادية لمشروعه، فسعدنايل منذ العام 2005 انتفضت بوجه هذا المشروع عقب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأعلنت تأييدها الكامل للخط الإستقلالي ضد محور إيران سوريا في لبنان، فكان نصيبها الكبير في أحداث 7 أيار 2008، ولكن رغم ذلك استطاع شباب البلدة أن يوجهوا ضربات موجعة لحزب الله خلال هذه الأحداث».
ويلفت الى أن «بعد انطلاق الثورة السورية وبعد لجوء الاسد للخيار العسكري، شكلت سعدنايل حاضنة كبيرة للاجئين الهاربين من ظلم نظام الأسد، بحيث أصبح عدد اللاجئين فيها بحسب أرقام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أكثر من 33 ألف لاجئ مقابل 15 ألفاً من سكان البلدة»، مشيراً الى ان « بسبب الوضع الإقتصادي المتردي، أصبح هناك تململ بين الجيل الصاعد من الشباب الذين بأغلبيتهم عاطلون من العمل، فعمل الحزب على استغلال هذه النقطة إضافة الى نقاط أخرى من بينها الخدمات الأمنية والتسليح، لخلق حالة له داخل البلدة وتجنيد بعض شبابها لإستخدامهم في ما بعد بأي صراع داخلي أو خارجي مقبل».
وكشف عن أن «هناك خمسة كوادر للحزب داخل البلدة قام بتسليمهم هذا الملف ومن بينهم الدكتور عبد الجليلي الحشيمي ورئيس جمعية «قولنا والعمل» الشيخ أحمد القطان وبعض الكوادر من البلدة نتحفظ عن ذكر أسمائهم»، مشدداً على ان «أهالي البلدة بأغلبيتهم الساحقة رفضوا هذا الموضوع، وحتى الأهالي الذين عرفوا بأن أبناءهم ينتمون الى هذه السرايا تفاجأوا بهذا الأمر وعملوا ما بوسعهم من أجل إخراج أبنائهم من هذا الخط».
وأشار المصدر الى أن « بعض الشباب في البلدة من العقلاء سعوا الى إيقاف هذا الأمر وإقناع هؤلاء الشبان بضرورة الخروج من هذا المستنقع، وقد نجحوا في ذلك، وهناك بعض الحالات الإضافية يعمل عليها ايضاً»، كاشفاً عن أن «هؤلاء الشباب المغرر بهم تراوح أعمارهم ما بين 17 و25 عاماً وهناك حالات قليلة تحت الـ 15 عاماً وحالات فوق الـ 35 عاماً».
وعلمت «المستقبل» أيضاً من مصادر بقاعية أن «الحزب عمل في الفترة الأخيرة على وقف الرواتب الشهرية عن عشرات الشبان التابعين لـ«سرايا المقاومة» في بلدات البقاع الغربي، الذين رفضوا المشاركة بالقتال الى جانبه في معارك القلمون، وكانت رواتبهم تراوح ما بين الـ 400 دولار الى 600 دولار حسب أقدمية العنصر».