IMLebanon

رئيس الـ1701 وإلا الفراغ المستدام والأزمة الطويلة!

 

واشنطن وباريس تعملان على انسحاب إسرائيلي وعلى تسوية حدودية برية

 

 

يحضر القرار 1701 محرّكا رئيسا للسياسة الدولية في لبنان. صحيح أنه لم يطبّق يوما بحرفيته، لا سيما في ما خص إخلاء جنوب الليطاني من أي مظاهر مسلّحة، وفق الفقرة الثامنة منه، وفيها «إتخاذ إجراءات أمنية تمنع استئناف العمليات الحربية وخصوصاً إقامة منطقة بين الخط الأزرق والليطاني خالية من أي مسلحين أو ممتلكات أو أسلحة غير تلك التي تنشرها في المنطقة الحكومة اللبنانية وقوة الطوارئ الدولية». لكن التغافل الدولي عن تطبيق الغاية الرئيسة من إصدار القرار في آب 2006، وهي فعليا وعمليا سحب السلاح من حزب الله، لم يسقطها من حسابات عواصم القرار المعنية بالوضع جنوبا إلى جانب تل أبيب. لذلك ظلّت واشنطن على إصرارها بضرورة تنفيذ مندرجات الـ 1701 عشية كل تجديد سنوي لليونيفيل في مجلس الأمن، حتى لو اضطُرّ الأمر سحب السلاح بالقوة. علما أنه اصطُلح على القول أمميا أن هذا القرار صدر تحت الفصل الـ6+، أي في المساحة الرمادية بين الفصل السادس (التطبيق الطوعي والسلمي) والفصل السابع الذي يجيز «استخدام القوات المسلّحة» للتنفيذ.

الحاصل راهنا أن ثمة معركة تخاض دوليا بالنيابة عن لبنان، وربما بغفلة مقصودة عنه، من أجل تطبيق الـ1701، وتحديدا الشقّ المتعلق بإبعاد الجناح العسكري لحزب الله، المقاومة الإسلامية، عن كامل منطقة جنوب الليطاني، وهي العمق الذي تعتقد إسرائيل أنه كاف لتحييدها شمالها عن مخاطر التصعيد العسكري. ولا يسقط من بالها أن نحو 61 ألف مستوطن من الشمال أخلوا مستوطناتهم، 27 ألفاً منهم من تلك التي تبعد مسافة كيلومترين عن الحدود مع لبنان، ويرفضون العودة ما لم تُرسَ المنطقة الخالية من السلاح no man’s land.

 

والحاصل أيضا أن تل أبيب تضغط دوليا لإخلاء منطقة جنوب الليطاني من عناصر الحزب، وخصوصا ما تعتبره التهديد الأكبر المتمثل بفرقة الرضوان، قوة النخبة. وتلك المنطقة هي فعليا مساحة عمليات اليونيفيل بموجب التفويض الممنوح لها في في القرار ١٧٠١.

تضغط الحكومة الإسرائيلية لإدخال تعديلات في متن القرار الدولي تجعل تطبيقه ملزما بقوة السلاح تحت الفصل السابع. لكن عددا من العواصم المعنية، وخصوصا تلك التي تنضوي ضمن اليونيفيل، لم تبلغ بعد هذا المبلغ. ويقال إن باريس تتردد في مجاراة المطلب الإسرائيلي على اعتبار أنها تتمثّل في 700 عسكري عامل في اليونيفيل، وتعتبر تأمين سلامتهم أولوية قصوى بعيدا من أي صدام مع الأهالي، وهو الإسم الحركي للحزب، وهذا ديدنها منذ صيف آب 2006.

 

وسبق للمنسّقة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونيتسكا أن أكّدت أنّ لا نية حتى الآن لإجراء أي تعديل على القرار 1701، وأن الضغط الحاصل يرمي إلى ضرورة تطبيق القرار 1701 معطوفا على إنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، بما يتيح أن يكون للبنان محاوِر رئيس مع المجتمع الدولي، يتمتّع بالشرعية الكاملة، لا كما هو حاصل راهنا.

هذا يعني، استطرادا، أن لا نية بعد لشمول القرار 1701 بالفصل السابع أو بأن توكَل لليونيفيل مهمة تطبيقه بشتى الوسائل.

يبقى إمكان التوافق على صدور قرار أو بيان يعيد تأكيد تطبيق مندرجات الـ ١٧٠١، ولا سيما في مسألة منع أي حضور مسلح خارج الشرعية اللبنانية، بحيث يصبح التطبيق تلقائياً وملزِماً للبنان وللقوة الدولية على حدٍّ سواء.

لكن ليس مؤكّدا أن حزب الله سيكون متجاوبا مع أي صيغة تعيد التأكيد على الـ1701، لجملة عوامل وأسباب، منها عدم استعداد الحزب لأي نقاش راهن في سلاحه فيما الحرب على الأبواب، إلى جانب أن تل أبيب لم توفّر في خرق هذا القرار عشرات آلاف المرات منذ صدوره.

لذا، برز الطرحان الأميركي والفرنسي بضرورة إخماد النزاع عبر تحقيق التسوية السياسية المأمولة القائمة على معالجة نقاط النزاع الحدودي البري الذي يعتبره المجتمع الدولي ذريعة حزب الله لاستمرار سلاحه. وهي تسوية يُعمل على أن تكون على غرار اتفاق الترسيم البحري، منطلقها انسحاب إسرائيلي من مناطق لبنانية محتلة وحل مسألة النقاط الحدودية المتنازع عليها، وهي 13.

تعتقد واشنطن وباريس أن هذا الطرح هو الحلّ الأمثل والأكثر استدامة وموثوقية. ومن شأن المونتوم الذي سينتج عنه أن ينسحب أيضا على باقي الملفات اللبنانية العالقة، في طليعتها انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة وتكلم مقبولية لتنفيذ الإصلاحات.

لكن العاصمتين إياهما لا تأمنان بعد ما سيكون عليه موقف إيران، واستطرادا حزب الله، خصوصا إذا ما بادرت طهران إلى تطبيق نظرية ربط الساحات، وجعلت التسوية اللبنانية – الإسرائيلية جزءا قليلا من عقدة حرب غزة وما بعدها.

وثمة من يقول في هذا السياق أن الرئيس المقبل لا بد أن يكون رئيس القرار 1701، وإلا الفراغ مستدام وأزمة لبنان طويلة.