Site icon IMLebanon

الـ1701 ودور القوات الدوليّة… ضحيّتا المواجهات اليومية

 

 

تُعتبر مرحلة انتظار الحرب أصعب من الحرب نفسها. الشعب اللبناني «يعيش على أعصابه»، وإسرائيل تتحضّر على جبهتها الشمالية، على حدّ تعبير أكثر من مسؤول سياسي وأمني إسرائيلي. ويدفع الجنوب الثمن الأكبر منذ هزيمة 1967، فغياب الدولة جعل أرض الجنوب مستباحة.

 

ظنّ الشعب اللبناني أنّه بانتهاء الحرب عام 1990 وبدء تطبيق «اتفاق الطائف» ستكون بداية بناء دولة فعلية. وسلّمت كل القوى الحزبية سلاحها باستثناء «حزب الله» بذريعة مقاومة الاعتداءات الإسرائيلية. وبعد المطالبات عام 2000 بنشر الجيش في الجنوب كان النظام اللبناني- السوري يعتبر أن هذا الأمر يحمي إسرائيل.

 

ظلّ الوضع جنوباً على حاله، وتبدّل بعد «حرب تموز» 2006، حينها وبعد شهر تقريباً على الحرب والدمار، وافقت الحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة على القرار 1701 الذي أقرّه مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع.

 

مَن عايش تلك المرحلة، يعرف أن 3 وزراء اعترضوا على هذا القرار هم ممثل «القوات» جو سركيس، و»الكتائبي» بيار الجميل ونايلة معوض، وكانت المطالبة بتوسيع سيادة الدولة على أرضها وتوسيع القرار 1701 ليشمل ضبط الحدود البحرية والبرية وعدم اقتصار دور «اليونيفيل» على المراقبة، بل مساعدة الجيش على بسط سلطة الدولة.

 

أُقرّ القرار 1701 ونصّ على نشر 15 ألف عسكري لبناني مدعومين بـ 15 ألف عنصر من «اليونيفيل» في منطقة جنوب الليطاني ومنع المظاهر المسلّحة في كل المنطقة التي يشملها القرار الدولي.

 

اعتبر «حزب الله» نفسه منتصراً وأراد قلب الموازين الداخلية وبدأ اعتصاماً واسعاً في وسط بيروت للمطالبة بإسقاط حكومة السنيورة، ونظراً إلى توتر الأوضاع الأمنية وزيادة المهمات المُلقاة على عاتق الجيش اللبناني، حذّر رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط آنذاك من مخطط يقضي بزيادة المسؤوليات المُلقاة على عاتق الجيش في الداخل لسحب ألوية من الجنوب وإفراغه من الشرعية.

 

وبعد أكثر من 17 سنة على «حرب تموز» والقرار 1701، أثبت هذا القرار فشله، وأثبتت قوات حفظ السلام أنّ وظيفتها تقتصر على الرصد ولا دور فعلياً على الأرض. ويقتصر دورها على العمل ضمن النقاط التي يرسمها «حزب الله»، وعلى سبيل المثال، فقد آزرت «اليونيفيل» الجيش والصليب الأحمر في سحب جثامين مقاتلي «حزب الله» الذين قضوا في خراج بلدة راميا الحدودية وفي مواقع أخرى.

 

احتفظ «حزب الله» بوجوده العسكري في منطقة جنوب الليطاني بعد عام 2006، وكأن لا وجود لـ»اليونيفيل» ولا للقرار 1701، وكشفت حادثة كوع الكحّالة في الصيف استمرار «الحزب» بشحن الأسلحة من سوريا.

 

إندلعت المواجهات في الجنوب اللبناني، وسقط معها القرار 1701 ودور «اليونيفيل»، وباتت المواجهة بين إسرائيل و»حزب الله» وكأن لا وجود لدولة لبنانية. ومن جهة ثانية، وعلى الرغم من هشاشة الوضع، لا يرغب أحد في تغيير الوضع جنوباً، وقد أكّدت الزيارات الفرنسية والألمانية إلى جنوب لبنان أن لا تغيير في دور «اليونيفيل» في الجنوب.

 

وفي وقت تطرح القوى السيادية ضبط الحدود البحرية والبرية والمرافق الشرعية وغير الشرعية عبر الاستعانة بقوات دولية، يتمسّك «حزب الله» بدور «اليونيفيل» الحالي وحصره في الجنوب ضمن الخطوط التي يرسمها. ومن جهتها، تبدو السلطة اللبنانية عاجزة عن القيام بأي دور على الرغم من زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الجنوب، وكل ما تفعله هو الاتصال بدول صديقة لتجنّب الحرب، في حين لا تتجرّأ على إقناع «حزب الله» بفضّ التوتّر، لأنّ الوضع في لبنان لا يحتمل الدخول في مغامرات حربية.

 

ينتظر الجميع انتهاء مواجهات غزة وتطوّر الوضع في جنوب لبنان ليُبنى على الشيء مقتضاه، وعلى الرغم من سقوط دور «اليونيفيل» واكتشاف هشاشة القرار 1701، فإنّه لا تغيير في القواعد التي أُرسيت في الجنوب مهما بلغت حدّة المواجهات.