لكي لا تختلط علينا الوقائع والحقائق بفعل التكرار، فإنّنا نستعرض بعض المواقف:
1 – أكّد أمين عام «حزب الله» السيّد حسن نصرالله مرّات ومرّات أنّ «حزب الله» هو من دَخَلَ الحرب في 8 تشرين الأول 2023 نصرَةً وإسناداً لـ»حماس» وإلهاءً وإشغالاً للعدو الإسرائيلي. (يعني إسرائيل لم تتحرّش بلبنان، بل أنّ «حزب الله» هو مَن هاجَمها مِن دون سبب لبناني).
2 – في خطابه يوم الجمعة في 5 كانون الثاني 2024 قال السيّد نصرالله: «إنّ مِن خيرات وبركات حَرب غزة بالنسبة إلى لبنان أنّ الترسيم البرّي على الحدود الجنوبيّة اللبنانيّة الإسرائيليّة قد أصبح قريباً». للتذكير، موضوع الترسيم البرّي مع إسرائيل طُرِحَ لحظة الانتهاء من الترسيم البحري معها. وتضاعف الحديث عن الترسيم البَريّ عندما اقتربت فكرة التطبيع بين السعودية وإسرائيل من خواتيمها، علماً أنّ الزيارات المكوكيّة لآموس هوكشتاين وآخرها في ايلول 2023، أي قبل حوالى الشهر على بدء حرب غزة، تؤكّد أنّ لا وجود لأيّ علاقة سببيّة بين الترسيم البرّي وحرب غزّة، خاصّة، أنّ آخر عمليّة تفاوض غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل من خلال الأمم المتحدّة في الناقورة كانت قد توصلت إلى حلّ ثلاث عشرة نقطة اختلاف خارج الـ B1 مع التعهد بإيجاد الحلّ المناسب دولياً لقضية مزارع شبعا وكفرشوبا المُتَنازَع عليها بين الجانبين اللبناني والسوري، وبالتالي فإنّ الترسيم البرّي قائم سابقاً وهو لَيسَ من «بركات» حَرب غزّة.
3- في الخطاب نفسِه، نَعَتَ السيّد نصرالله معارضيه بالجَهلِ والجَهالة وبعدم معرفتهم بتاريخ لبنان، «لأن إسرائيل، ومنذ العام 1948، تعتدي على لبنان من دون أي سبب». طبعاً هذا الكلام تنفيه الوقائع التي تؤكّد أنّ المناوشات والاعتداءات والاغتيالات والاجتياحات الإسرائيليّة حصلت دائماً على خلفيّة استعمال الأراضي والحدود الجنوبيّة اللبنانيّة، من قِبَل قوى غير شرعيّة وغير لبنانيّة باتجاه العدو الإسرائيلي. كان ذلك قبل «فتح لاند» ومعها وبعدها. وإلّا فليشرح لنا أحدٌ لماذا لا تهاجم إسرائيل أراضي مصر والأردن وحتى الأراضي السوريّة من الجولان المحتل ولا تهاجم غيرها من الدول العربيّة البعيدة عن حدودها؟
4 – يتسابق قياديّو «حزب الله» على التسويق أنّ إسرائيل ترسل الموفدين الدوليّين إلى لبنان لكي يردعوا «الحزب» عن مهاجمة إسرائيل التي تخشى قوة «الحزب» وقدراته. في حين أنّ الموفدين يأتون إلى لبنان لتحذيره من مغبّة توسيع رقعة الحرب مع إسرائيل لكي لا يصيب لبنان ما أصاب غزّة من قتل وتدمير وتشريد وتهجير.
5 – لا بدّ من التأكيد أنّ تنفيذ القرار 1701 يعني حكماً تنفيذ القرار 1559 الذي ينصّ على تسليم السلاح كلّ السلاح، من أي جهّة كان وتحت أيّ مسمّى كان، إلى القوى الشرعيّة اللبنانيّة حصراً، وبالتالي ليس الموضوع نقل السلاح من جنوب الليطاني إلى شماله. فالأمر الأساس بعد تطبيق القرار 1701 وترسيم الحدود البريّة، هو انتفاء الحاجة إلى أي سلاح خارج سلاح الجيش اللبناني.
6 – يدّعي «محور الممانعة» أنّ الجيش اللبناني ضعيف ولا قدرة له على مواجهة إسرائيل لذلك وُجِب أن تبقى «المقاومة الإسلاميّة» إلى الأبد للدفاع عن لبنان.هل هذا يعني أنّ الدول الصغيرة ذات الجيوش الضعيفة المحيطة بفرنسا وأميركا وروسيا والصين والهند وغيرها من الدول العظمى، هل يجب أن تكون لهذه الدول الصغيرة «مقاومات» إلى جانب جيوشها؟ أم أنّ المعاهدات والقوانين الدوليّة هي مَن ترعى الخلافات بين الدول؟
مع تأكيدنا أنّ الجيش اللبناني كان ولا يزال وسيبقى دائماً قادراً وبالتأكيد على حماية الوطن وحدوده. إسألوا قادَتَه.
(*) عضو «الجبهة السياديّة من أجل لبنان