واضح ان ملف ملء الشغور في رئاسة الجمهورية يتجه نحو مزيد من التفعيل، الذي يتخذ صفة “المكرر المعجل”، في ضوء المعطيات المتداولة عن رسائل “تل أبيب” التحذيرية، عبر أكثر من قناة لكل من بيروت وحارة حريك، مفادها ان على حزب الله وقف عملياته العسكرية على الحدود الجنوبية، تحت طائلة شن حرب مدمّرة على لبنان، ما سرّع الاتصالات الديبلوماسية، وفي مقدمتها حرَكة سفراء “خماسية” باريس.
تبعا لذلك، توسعت رقعة التساؤلات حول مدى تجاوب الحزب مع النصائح والتحذيرات الغربية، وماذا عن الدور الممكن ان تلعبه “الخماسية” في مجال تقديم تنازلات معينة او مقايضات تحت وطأة الشروط والشروط المضادة؟ الف سؤال وسؤال ينتظر لبنان الاجابة عليها قبل بلوغ مدار الحسم ولحظة القرار، التب باتت قريبة جدا.
وسط هذا المشهد عادت إلى الواجهة، جلسة مجلس الأمن التي عقدت منذ قرابة الشهر، وخصصت للاستماع ومناقشة تقرير الأمانة العامة للأمم المتحدة حول تطبيق القرار ١٧٠١، والذي تضمن الكثير من النقاط، والتي ابدت بيروت تحفظها حول عدد منها، أبرزها اعتبار الدولة اللبنانية متخلفة عن الوفاء بالتزاماتها فيما خص القرار الدولي، انتهت دون اصدار البيان السنوي حول النتائج خلافا للعادة، دون تقديم اي أعذار او مبررات.
اجتماع مجلس الأمن جاء تزامنا مع حركة ديبلوماسية اميركية غربية، فرنسية – بريطانية تحديدا، هدفت إلى إدخال تعديلات على القرار ١٧٠١، من باب إنجاز الترسيم البري، وهو ما رفضته “إسرائيل”، وتغيير قواعد الاشتباك بسحب حزب الله من المنطقة، وهو ما عارضته حكومة تصريف الاعمال.
ووفقا لاوساط ديبلوماسية متابعة، فان المطروح على هذا الصعيد يشمل تفكيك كل المنظومة اللوجستية للحزب في منطقة جنوب الليطاني، وتدمير الإنفاق وقواعد إطلاق الصواريخ، وسحب كامل السلاح إلى ما وراء خط الليطاني، تحت إشراف ورقابة دوليتين، بضمانة دول يتفق عليها طرفي النزاع.
ماذا يعني انسحاب حزب الله المطروح في الكواليس؟
ان الإجراء المؤجل حتى الساعة والمثير للريبة، طرح العديد من علامات الاستفهام حول أسبابه ومبرراته، فاتحا الباب أمام الكثير من التحاليل والسيناريوهات في ظل الاحداث المسارعة التي تشهدها الجبهة الجنوبية، والإجراءات التي تتخذها قوات الطوارئ الدولية، بحسب ما يسرب.
وفي هذا الإطار، كان لافتا الكلام الذي اطلقه وزير الجيوش الفرنسية من الجنوب، عشية رأس السنة وتبشيره جنود بلاده بأن ايام صعبة قادمة، ما عزز شكوك البعض من وجود مخطط غير معروف ومخفي، وفقا أجندة دولية يعمل عليها.
أمور وضعتها مصادر سياسية متابعة في سياق الخطة الموضوعة، والترتيبات التي يعمل عليها لضمان أمن الحدود الشمالية “لإسرائيل” خلال الفترة المقبلة، وتكشف المصادر على أجواء نيويورك، ان التقرير أنجز الا انه لم يوزع وما زال خاضعا للتعتيم، في ظل عدم تسرب اي أجواء حوله، حيث يتردد في اروقة الأمم المتحدة ان مندوبي الدول الخمس الدائمة العضوية قد اطلعوا على خلاصته، التي لا تلبي طموحات لبنان، حيث تم الأخذ بالكثير من الادعاءات الإسرائيلية.
وتتابع المصادر بأن المخاوف الأساسية تبقى بأنه في حال عدم توصل المفاوضات إلى نتيجة او تسوية، ان نكون أمام عملية عسكرية كبيرة نسبيا تقودنا إلى مجلس الأمن، وبالتالي صدور قرار جديد يستند إلى الـ ١٧٠١، لن تعارضه كل من موسكو وبكين، وأن لم تؤيداه.
في الخلاصة تسأل المصادر، هل ان تأجيل صدور التقرير هو من أجل تضمنها أحداث يتوقع حدوثها، تسمح بتغيير وجهة التقرير بما يتلاءم والاجندة الدولية؟ وهل ان الانتظار معلق إلى حين انتهاء المفاوضات الجارية، ليبنى على الشيئ مقتضاه و”تركب دينته” وفقا لرغبة كاتبه؟ والأهم هل تعطي نسخته الجديدة الشرعية الدولية لاي تدخل عسكري “اسرائيلي” في لبنان؟ واخيرا من هي الجهة التي تعرقل نشره واعلانه حتى الساعة؟