عودة مرتقبة لهوكشتاين لتثبيت التهدئة… أو منع الانفجار!
المقاومة تضع شروطها لتطبيق الـ 1701
وحملة داخليّة مرتقبة لمنعها من”الاستثمار”
ايام وساعات عصيبة وحاسمة على الحدود الجنوبية تسبق الهدنة المفترضة في غزة، حيث ارتقى التصعيد الى مستويات غير مسبوقة، وتجاوز في الكثير من الاحيان “الخطوط الحمراء” دون ان يكسرها. هذا السيناريو سيرافقنا في الفترة الفاصلة بين الاعلان عن التهدئة او حتى فشلها، وفقا لاوساط مطلعة على سير العلمليات الميدانية، لان جميع الاطراف معنية بتثبيت قواعد الاشتباك، للانطلاق منها نحو المحادثات الجدية “لليوم التالي” على الحدود ، حيث من المفترض ان يستأنف المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين زيارته المكوكية الى كل من لبنان وكيان الاحتلال الاسرائيلي ، في “اللحظة” التي يعلن فيها الاتفاق او حتى الفشل في التهدئة في غزة. لكن تبقى “اليد الطولى” باعتراف كيان العدو لحزب الله، الذي يجلس الى “الطاولة” ليفرض شروطه وليس العكس.
ففي حال الاعلان عن هدنة غزة، ثمة مقاربة اميركية جاهزة، ورغبة “اسرائيلية” جامحة، لايجاد تفاهمات دائمة مع حزب الله تدخل حيّز التنفيذ على نحو فوري، وان كانت على مراحل، لايجاد ترتيبات مستدامة تعيد عقارب الساعة الى الوراء لتنفيذ الـ 1701 دون تعديلات. اما في حالة فشل الهدنة فستكون امام هوكشتاين مهمة بالغة الصعوبة في كبح جماح توسع الاشتباك الحدودي، بعدما بات واضحا ان الكثير من الضوابط باتت رخوة، ولا يمكن التكهن بحتمية السيطرة عليها في المستقبل.
ووفقا لتلك الاوساط، فان “الصفقة” في غزة تفترض وقفاً طويلاً لإطلاق النار، الذي سيتم التوصل إليه في هذا الاطار، مما سيؤدي إلى وقف إطلاق النار على الحدود الجنوبية. هذا الافتراض لا يعود الى تعهّد قدمه حزب الله، وانما بالقياس على وقف إطلاق النار السابق الذي انضم إليه كجزء من الربط بين الساحات. واذا كانت واشنطن لم تتمكن حتى الآن من صياغة خطة متفق عليها مع الجانبين لإنهاء المواجهة على الجبهة الجنوبية، الا ان ما تبلغته واشنطن عبر الوسطاء انها لن تحصل من حزب الله على اي ضمانة بخصوص الترتيبات الامنية تحت عنوان تطبيق الـ 1701 ، الا بعد الحصول على اقرار “اسرائيلي” بالنقطة “بي واحد” كمحطة انطلاق للترسيم البري ، والتزام حكومة الاحتلال بالتراجع الى ما وراء النقاط الحدودية الـ 7 المتنازع عليها من اصل الـ13 ، التي تم التفاهم على 6 منها. وضمنا الاقرار بالانسحاب من مزارع شبعا، والحصول على ضمانة دولية بالتزامها عدم خرق القرار 1701 برا وبحرا وجوا، وبعدها “لكل حادث حديث”؟!
وفي هذا السياق، عملت واشنطن على “عقلنة” الموقف “الاسرائيلي” لجعله اكثر واقعية، عبر القبول بوقف النار تزامنا مع غزة، وافساح المجال لهوكشتاين للبدء بجولة جديدة من المحادثات في اجواء هادئة، خصوصا ان واشنطن تخشى انزلاق الطرفان الى حرب شاملة، حتى دون وجود رغبة بذلك، بعدما اصبحت الاوضاع هشة للغاية، وقد تخرج الامور عن السيطرة دون سابق انذار.
اما لماذا يفاوض حزب الله من منطلق قوة؟ فلاسباب عديدة يختصرها المحللون “الاسرائيليون” ووسائل الاعلام “الاسرائيلية” بالقول : ان”الحقيقة المرّة” هي أنّ الضرر الذي لحِق بحزب الله ليس كبيراً، فعناصره تراجعوا نحو كيلومترين عن الحدود، نتيجة قرارٍ مدروس اتخذته قيادة حزب الله، وليس ناجماً عن ضغطٍ “إسرائيلي”، بغرض الحد من الخسائر البشرية. وحسب قولهم” فان حزب الله يستخلص الدروس من حرب غزة، وهو يخوض معركةً محسوبة يمتنع فيها من المخاطرة بقوة الرضوان، ويحافظ عليها في حال نشوب حرب شاملة”…
وفي حين يقر جيش العدو ان الحزب لم يستخدم في الحرب حتى الآن اكثر من 5 في المئة من قدراته، يعتبر ان كل ما يوجد في مخازن ايران موجود في لبنان، وهذا يشمل الصواريخ الدقيقة وكل انواع المسيرات، وكذلك ثمة اقرار ان حزب الله نجح في خلق واقع جديد في الشمال، وغيّر في أسلوب عمله مرارا وتكرارا، وهو لم يكن يوما مردوعا، بل انتقل الى مرحلة اطلاق صليات صاروخية مكثفة ومركزة نحو منطقة محددة، بعد فترة من الضربات المنتقاة على نحو دقيق. وقد وصفت القناة “14 الاسرائيلية” هذا التطوربـ “الأمر الخطر”، خصوصا انه تزامن مع اسقاط طائرة “هرمز 450” بصاروخ ارض- جو لا يزال مجهولا بالنسبة لـ “الجيش الاسرائيلي”.
وفي هذا السياق، احصت وسائل إعلام “إسرائيلية” امس، الخسائر التي ألحقها حزب الله في المستوطنات والمواقع العسكرية “الإسرائيلية”، ونقلت صحيفة “معاريف” عن الباحث في الحروب “الإسرائيلي” أور فيالكوف، قوله إنّ حزب الله أطلق “ما يقرب من 1000 صاروخ مضاد للدروع على “إسرائيل”، وضرب مواقع عسكرية على طول الحدود، من رأس الناقورة إلى حرمون”، مشيراً إلى أنّ “ما بدأ ببضع ضربات كل عدة أيام، تحوّل إلى إطلاق نار يومي ثابت على مواقع عسكرية استراتيجية، ومنها مقر قيادة “اللواء 769” وقاعدة “يوآف” الواقعين في هضبة الجولان، بالإضافة إلى معسكر نفح التابع للواء الجولان، وأيضاً قاعدة ميرون للمراقبة الجوية في “كريات شمونة”، ومقر قيادة المنطقة الشمالية في صفد، إلى جانب عدد كبير من المواقع “الإسرائيلية”، على نحو خاص وحدة المراقبة الجوية 506 حيث حقق إصابات دقيقة في قباب الحماية لنظام المراقبة الجوية، ما ألحق الضرر بقدرات الكشف في قاعدة المراقبة الجوية التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي”.
وفي الخلاصة تُظهر الوقائع أنّ حزب الله اظهر جهوزية كاملة لاطلاق آلاف الصواريخ المضادة للدروع وعشرات الآلاف من القذائف على الشمال والوسط في “اسرائيل” في أي حرب مقبلة، الأمر الذي سيشل الحياة بشكل كامل ويضر بقدرة “الجيش الاسرائيلي”، الذي لم يجد حلا للهجمات المضادة للدروع، فكيف اذا دخلت الصواريخ الدقيقة البعيدة المدى “ساحة المعركة”؟!.
هذا على الحدود اما في بيروت، فمن المنتظر ان تنطلق حملة سياسية شعواء لتقويض شرعية المعادلة التي أوجدها حزب الله بين لبنان وغزة، لمنعه من التأسيس على موازين القوى جنوبا، لفرض خياره الرئاسي وبعدها الحكومي، وهي حملة مرتقبة من خصومه للضغط على بعض دول “الخماسية”، غير المقتنعة حتى الآن بان حزب الله سيكون متواضعا في مطالبه السياسية داخليا، وتبدي مرونة للتفاوض معه!