بناء على الواقعية السياسية، يمكن الاستنتاج بأنّ أي محاولة لتعويم القرار 1701 حالياً، بمعزل عما يجري في غزة، ستكون حُكماً محكومة بالفشل، وإن يكن بعض الموفدين يسعون عبثاً الى التحايل على هذه الحقيقة.
باتت توجد قناعة لدى عدد من الاوساط المعنية بملف المواجهة بين «حزب الله» والكيان الاسرائيلي بأن لا فرصة لأيّ بحث جدي في مستقبل الوضع المعقّد على الحدود الملتهبة قبل عودة الهدوء الى غزة، واستطراداً الى الجنوب، وسط رفض الحزب للفصل بين الجبهتين.
ولكن ذلك لا ينفي انّ نشاطاً يجري في الكواليس الدبلوماسية لإنجاز رسم أوّلي لمعالم «اليوم التالي» في لبنان، منذ الآن.
وينقل متواصلون مع جهات دولية واسعة الاطلاع تأكيدها ان القرار 1701 يتضمن جوانب مترابطة تتعلق بالأرض والسيادة والامن، «ولكن ما حصل خلال الأعوام السابقة انه تم فقط تطبيق الشق المتعلق بوقف الأعمال القتالية، والذي انهار بدوره مع اندلاع جولة العنف الحالية. أما الشق الأساسي من القرار والمتعلق بوقف ثابت ودائم لإطلاق النار، فلم ينفّذ منذ عام 2006 بسبب ظروف طارئة من قبيل الحرب السورية والمشكلات الداخلية في لبنان مثل غياب رئيس الجمهورية لسنتين وانتفاضة 17 تشرين، وكذلك في «إسرائيل» لم يكن هناك استقرار سياسي إذ جرت انتخابات متكررة وتغيرت الحكومات مرات عدة».
ويشير المتواصلون مع الجهات الدولية الى انّ لديها انطباعا مفاده ان «كل الطروحات الحالية لمعالجة الوضع على الحدود الجنوبية هي عسكرية الطابع، بينما هناك حاجة مُلحة الى حلٍ مُستدام يرتكز على خطوات سياسية، وهذا يستدعي وجود موافقة واستعداد لدى المعنيين على ضفتي الحدود».
وتبعاً لهؤلاء، تعتبر الجهات الدولية ان «القرار 1701 كاف وواف ويغطي كل الجوانب المطلوبة، وبالتالي لا ضرورة لطرح اقتراحات جديدة»، مشددة على ان المشكلة الجوهرية تكمن في عدم احترام هذا القرار.
ويَنسب المتصلون بالجهات الدولية اليها تأكيدها انّ هناك احتراما للافكار التي تُطرح من هنا أو هناك «إنما لا توجد حاجة اليها ولا داعي لاختراع البارود، ما دام القرار 1701 موجوداً».
وينقل المتصلون بالجهات الدولية، الوثيقة الارتباط بالملف اللبناني، دعوتها الى إطلاق مسار الحل المستدام فور توقف الأعمال القتالية الحالية، «لأن من شأن ذلك وحده أن يُفضي الى استقرار حقيقي بعد تسوية الأمور العالقة»، معتبرة انه يكفي تضييع نحو 17 عاماً منذ عام 2006 من دون فعل شيء على صعيد المعالجة الطويلة الأمد.
ووفق ما يُنسب الى الجهات الدولية، فإنّ لديها تخوّفاً من أنه «حتى لو جرى التوصّل إلى وقف الأعمال القتالية على الحدود الجنوبية عاجلا ام آجلا، الّا انّ الهدوء قد لا يدوم، ما لم يتم إقرانه وتحصينه بخطوات سياسية مُستقاة من البنود المعلقة في القرار الاممي».
وتلفت الجهات الدولية الى انّ الحرب تفرض تلقائياً لغة متشددة وسقوفاً مرتفعة من قبل المنخرطين في القتال كما يحصل الان، «غير انّ المقاربات تختلف وتصبح اكثر واقعية بعد وقف إطلاق النار».
ويوضح أصحاب الخطوط المفتوحة مع الجهات الدولية انهم سمعوا منها ما مفاده انّ «كل ما ينادي به لبنان من حقوق سيكون مادة بحث في مرحلة التفاوض حول الحل المستدام، سواء ما يتصل باستعادة أراض محتلة او بمنع الخروقات الإسرائيلية للسيادة».
وتستند الجهات الدولية في موقفها الى ما تفترض انها «تجربة ناجحة حصلت قبل سنوات عندما تم التفاهم عبر وساطة دبلوماسية على تسوية الخلاف في شأن 7 نقاط حدودية متحفّظ عليها من قبل لبنان، وذلك بعد 19 إجتماعا على امتداد عام، من دون تجاهل انّ تلك النقاط هي أقل تعقيدا من تلك التي لا تزال عالقة».
وبالنسبة الى ما خَص مدى انسجام المطلب الاسرائيلي بانسحاب «حزب الله» نحو شمال الليطاني، مع مندرجات القرار 1701، تتساءل الجهات الدولية، تبعاً لرواية المتواصلين معها: «ما المعنى العملي لهذا المطلب؟ الحزب جزء من البيئة والمجتمع في الجنوب، فما المقصود بأن ينسحب، ولو أعلن فرضاً عن انسحابه، كيف سنتأكد من ذلك اذا كان عناصره جزءاً من النسيج الاجتماعي للمنطقة؟ هذا صعب، لذا من الأفضل أن نكتفي فقط بتطبيق القرار 1701 كما هو».
وتلفت الجهات الدولية، تبعاً لسرد المتصلين بها، إلى أنّ الامين العام للأمم المتحدة سبق له ان قدّم اقتراحاً بأن تتم مناقشة مسألة نزع السلاح ضمن مسارٍ لبناني بحت، «وعلى هذا الأساس طُرح الحوار الوطني حول الاستراتيجية الدفاعية».