IMLebanon

الـ1701 رأس البرنامج

 

يرتكب «حزب الله» خطأً مقصوداً وفادحاً بترويجه أنّ مطالبة المعارضة بتطبيق القرار1701 تآمر موصوف عليه، إذ ربما شكّل هذا التطبيق طوق نجاة له من حرب لم يطابق فيها «حساب الحقل حساب البيدر» وصارت مأزقاً لا يعترف به مع أنه يتخبط فيه.

 

تقول الوقائع إنّ «الحزب» قادر على إيذاء إسرائيل، لكنها تستطيع إعادتنا الى العصر الحجري. وحق اللبنانيين في رفض مبررات هذه الحرب ومعادلاتها أخلاقي قبل الشرعي والقانوني. وهو أصلاً حق للّبنانيين على الحكومة المتخاذلة والبرلمان المعطّل والأجهزة الأمنية المكبّلة. ناهيك عن فرق شاسع بين مَن يذهب بإرادته وخياره الإيديولوجي إلى المواجهة مستعداً للأثمان، وبين أكثرية ترفض الالتحاق بقرار يتفرّد به حزب معتبرة الحياد ضمانة الدولة والكيان والوحدة الوطنية والناس.

 

حين تدعو المعارضة إلى تطبيق القرار الدولي فوراً بنشر جيشنا الوطني على طول الحدود، فهي لا تنطق باسم حزب أو مجموعة سياسية أو مذهبية، بل ترفع الصوت نيابة عن أكثريات في كل الطوائف بلا استثناء أثبتت الإحصاءات أنها لا تريد الحرب مهما تنوعت الآراء والتوجهات. وهي تنطق أيضاً باسم الطوائف والمجموعات والأحزاب المواربة في صراحتها وتلك التي يقودها ممالقون وانتهازيون ومنتظرون على ضفاف الأنهر. والمعارضة في إلحاحها على امساك الجيش والقوات الدولية بالحدود لا تستثمر هذه الخطوة في توازنات داخلية ولا في انتخابات رئاسية حَرم البلاد منها تعنّت «الثنائي الشيعي»، بل تريد فعلاً في هذا الوقت المملوء بصليل السيوف تجنيب الجنوبيين أولاً، وكل اللبنانيين تالياً، كأس حرب مدمّرة تهدّد بها إسرائيل. وهي ليست تهويلاً ولا مناورة، كوننا شهدنا ما اقترفته بعد مغامرة السنوار في 7 أكتوبر، والتي تبيّن أنها نكبت قضية فلسطين.

 

ليست المعارضة جمعية خيرية بالتأكيد، وواجبها ألّا تكون كذلك، لكنها لا تؤاخَذ حين ترى المخرج بتطبيق قرار عدّه «حزب الله» انتصاراً في حرب 2006، ولا يزال تفعيل بنوده ومندرجاته حبل نجاة للحزب ولكل لبنان مما قد ينتظرنا من دمار ودماء.

 

سؤال يُطرح: هل المطالبة بتطبيق الـ1701، رغم أهميتها الحالية، عنوان كافٍ لتوسيع مروحة قوى الاعتراض على الحرب والسلاح غير الشرعي، وماذا لو حصلت تسوية على القرار الدولي تعيد «الستاتيكو» السابق معدّلاً وتنعش مشروع «حزب الله» في استكمال الهيمنة؟

 

واقع الأمر أنّ تطبيق الـ1701، لو حصل، هو ضروري وأولوية الأولويات، لكنه غير كافٍ، لأنّ تحدّيات لبنان الوجودية لم تعد تقتصر على موضوع الحرب والسلم والسلاح، بل اتسعت مع كارثة النزوح، ولا تنفصل عنهما أهمية جريمة نهب الودائع وتعطيل النظام السياسي وتدمير القضاء وجملة المسائل الإصلاحية التي لن تقوم بدونها قيامة للبلاد.

 

ما تحتاج اليه المعارضة في هذا التوقيت المفصلي الخطير هو برنامج إصلاحي شامل بندُه الأول منع الحرب وتطبيق القرار 1701، وهو برنامج يجب ألّا يعبّر عن هواجس المعارضة فحسب، بل عن مصلحة جموع المواطنين، عنوانه استعادة الدولة من براثن السلاح والمافيات سواء بسواء… هو مسار طويل يُفترض أن تتولّاه جبهة عريضة قادرة على استيعاب التناقضات والتمايزات ومقارعة المنظومة الحاكمة على كل تفصيل وصعيد، في الداخل والاغتراب.