ما طرحه الموفد الاميركي الرئاسي آموس هوكشتاين من تعديلات على القرار الاممي 1701 والصادر عن مجلس الامن، هو انتقال هذا القرار من الصفة الدولية الى قرار ببزة «اسرائيلية»، حيث التعديلات التي اقترحها تشمل ان يكون الحق لسلاح الجو «الاسرائيلي» في التحليق الدائم فوق الاراضي اللبنانية، وبخاصة جنوب نهر الليطاني، كذلك في الاجواء اللبنانية نحو الحدود اللبناني السورية، اضافة الى حق للسفن الحربية «الاسرائيلية» في الابحار في المياه اللبنانية الدولية، لا بل المياه اللبنانية الخالصة. وهذا يعني خرقا كبيرا للسيادة اللبنانية، ويعني تنازل دولة ذات سيادة مثل لبنان عن سيادتها لدولة اخرى. وهذا لا يحصل، الا اذا استسملت دولة وانهزمت امام دولة اخرى، وعندئذ يمكن ان تفرض الدولة المسيطرة شروطها على الدولة المهزومة.
اما لبنان، وفيه المجاهدون والمقاومون الذين شهدوا على مسيرة شهادة السيد العظيم الكبير السيد حسن نصرالله على طريق القدس وسبقهم على هذه الطريق، فهم لديهم معنويات كبيرة وايمان ديني عظيم، ولا يهابون الموت ولا الاستشهاد، بخاصة بعدما استشهد سيدهم وسيد المقاومة السيد حسن نصرالله على طريق القدس. كانوا يودون لو سبقوه على الشهادة على طريق القدس. كانوا يودون ان يؤمنوا له الحماية من كل الجوانب ويمنعوه من السفر باكرا على طريق القدس، لكنه سبقهم واختار طريقه ومضى. وليس اكثر من الحزن الذي حل على من يعرف عمق الانسانية وعمق الحكمة وعمق الشجاعة وعمق الجهاد في نفسية الراحل الشهيد السيد حسن نصرالله.
يحتاج اليه لبنان كثيرا كل ساعة وكل دقيقة، لسماحة السيد حسن نصرالله الذي غاب عنا بالجسد، وبقيت كلماته وطريقه وخطبه واقواله وتاريخ نضاله منذ سن 16 سنة وحتى ساعة استشهاده، مسيرة جديدة عظيمة حيث قاد مقاومة حزب الله وحزب الله دائما الى النصر، ومن تحرير الشريط الحدودي الى حرب 2006، وقبلها الى ردع الجيش «الاسرائيلي» الذي وصل الى العاصمة بيروت واحتلها. وقاد سماحة السيد حسن نصرالله المقاومة ضد هذا الجيش «الاسرائيلي» المحتل، حتى ردعه واعاده الى الحدود بين لبنان والكيان الصهيوني.
يتفوق المجاهدون اليوم في مقاومة حزب الله على العدو «الاسرائيلي»، بمعنوياتهم، بشجاعتهم وايمانهم، وهو يتفوق علينا بالطائرات الاميركية الصنع الاحدث في العالم. ونحن نقاوم اليوم الحلف الصهيوني الاميركي، ونقاتل الارادة الاميركية الصهيونية التي لا ترحمنا ابدا. وتطرح نظريات وقف اطلاق النار، والطلب لعدم دخول رفح، وكل ذلك شفهيا، اما فعليا فلا يتم تنفيذ الا المشروع الاميركي الصهيوني في فلسطين وفي لبنان وفي الدول المجاورة لفلسطين. واهِم من يعتقد ان نتنياهو يريد وقف اطلاق النار، وواهِم من يعتقد ان نتنياهو لديه عقيدة ثانية غير عقيدة الحرب حتى تحقيق اهداف الحرب، وبات نتنياهو يعتبر نفسه اهم من بن غوريون القائد الصهيوني الذي احتل فلسطين، ويعتبر نفسه اهم من بن غوريون لانه على ما يقال ان بن غوريون كان يربح الحروب، لكنه لم يكن يعرف يستثمر نتائجها وانتصارها، اما نتنياهو فيريد ان يربح الحروب ويستثمر الانتصارات. وما يفعله في غزة حتى اليوم وامس في مخيم جباليا وفي قطاع غزة، من ابادة جماعية ومن قصف بالطائرات الحربية للخيم التي يسكنها اللاجئون الفلسطينيون في قطاع غزة ومن حصار وقطع المساعدات عن المدنيين، وحتى قطع المياه، انما هو لاخضاع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لارادته كاملا، وتحقيق اهدافه التي حددها، واهمها تحطيم ارادة المقاومة لدى حركة حماس حتى النهاية.
اما على صعيد لبنان، فهدفه كما اعلن وزير الحرب «الاسرائيلي»، تحطيم قدرات حزب الله ومنعه من المقاومة نهائيا ولاجيال، واعادة لبنان الى العصر الحجري، وضرب كل مقومات الحياة في لبنان. وهذه هي السياسة الصهيونية حيال لبنان، ومن يعتقد ان «اسرائيل» يمكن ان تكون غير ذلك، فهو واهِم جدا، وواهِم جدا جدا.
ان الصهيونية تريد الهيمنة على لبنان كليا، وإلزامه لاحقا بتوقيع اتفاق سلام. وهو ليس اتفاق سلام، بل تمت تسميته كذلك، انما هو اتفاق هيمنة على لبنان، وان يكون البلد الضعيف قرب فلسطين المحتلة وعلى حدودها. وليس بمقدوره ان يقوم بأي عمل عسكري، ولا ان ينافسها في اي مجال. وحتى في المجال السياحي، ممنوع عليه ذلك، وهو الذي قام منذ عام 1948 بحروب متواصلة في المنطقة، مما ادى الى هجرة الشعب اللبناني بالملايين من لبنان الى الخارج، بعد هجرة تولتها السلطنة العثمانية، وافرغت لبنان من اهله، وتكمل الصهيونية المخطط ذاته، وتستمر في هذا النهج.
لا تراجع امام العدو الصهيوني، والمقاومة وعدت بالتصعيد وبالرد العنيف على الجيش «الاسرائيلي»، ونفذت وعدها. ونحن نرى كم من الصواريخ التي تهطل على حيفا، وعلى القاعدة الجوية رامت دافيد، وعلى قواعد جوية اخرى، وعلى صفد، وعلى المستوطنات الصهيونية في فلسطين المحتلة، ويزداد عدد الصورايخ يوميا من 100 الى 150 الى 200 صاروخ، كما باتت وتيرة القصف المستمرة كل يوم وتزداد.
لن تنتصر «اسرائيل» علينا مهما كان الثمن غاليا، ومهما كان الحلف الاميركي الصهيوني قويا، ومهما كانت طائرات سلاح الجو «الاسرائيلي» متفوقة بشكل مطلق علينا، الا اننا في الميدان نحن الاشجع، ونحن الاقوى، ونحن القادرون على ردع المخطط الصهيوني.
بالنتيجة رغم التفاؤل في بيروت بعد زيارة المبعوث الاميركي اموس هوكشتيان، فانه لا يوجد لدينا اي ثقة بسياسة نتنياهو وحكومته الدينية المتطرفة، ونتياهو ينتظر 13 يوماً حتى تحصل الانتخابات الاميركية، ويراهن عل فوز حليفه الجمهوري دونالد ترامب.
شارل أيوب