Site icon IMLebanon

“خماسيّة المراقبة” تعقد أول اجتماعاتها اليوم… وتعويل على تنفيذ الاتفاق بدءاً بالانسحاب “الإسرائيلي” 

 

بعد تنفيذ “الإسرائيلي” أهدافه التوسّعية، من خلال احتلال جبل الشيخ السوري في الجولان وإنشاء منطقة عازلة الأحد الفائت، بحجة ضمان أمن سكان بلدات الهضبة ومواطني “إسرائيل” في ضوء الأحداث في سوريا… يخشى البعض في لبنان، من أن يذهب العدو الى استغلال اتفاق وقف إطلاق النار للتوسّع في اتجاه الأراضي اللبنانية بهدف تحقيق حلمه بـ “دولة إسرائيل الكبرى”… فقد يتحايل للبقاء في القرى الحدودية التي دخلها بهدف السيطرة لاحقاً على المنطقة العازلة في جنوبي الليطاني التي ينصّ عليها القرار 1701. فضلاً عن عدم تنفيذ الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلّة أي في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر، وبلدة النخيلة.

 

أوساط ديبلوماسية مطّلعة أكّدت أنّ القرار 1701، لا ينصّ على سيطرة “الإسرائيلي” على المنطقة العازلة، إنّما على انتشار الجيش اللبناني وقوّات “اليونيفيل” في المنطقة بين الخط الأزرق والليطاني، على أن تكون خالية من أي مسلّحين أو ممتلكات أو أسلحة أو غير تلك التي تنشرها في المنطقة الحكومة اللبنانية وقوّة الطوارىء الدولية. كما جاء في اتفاق وقف إطلاق النار، أنّ الجيش اللبناني، بالتوازي مع انسحاب الجيش “الإسرائيلي” سينشر نحو 10 آلاف عنصر في جنوب الليطاني وسيباشر تنفيذ التزاماته. وهذا يعني أنّ “إسرائيل” لا يمكنها تحت أي ذريعة البقاء لا في القرى الحدودية ولا في المنطقة العازلة.

 

أمّا احتلال القوّات “الإسرائيلية” للأراضي اللبنانية المحتلّة أي المزارع والتلال والنخيلة والغجر، فلا يمكن أن يبقى على حاله، على ما تلفت، سيما أنّ القرار 1701 ينصّ في الفقرة 5 منه، “على التمسّك الثابت بوحدة وسلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دولياً، كما ورد في اتفاقية الهدنة “الإسرائيلية”- اللبنانية الموقّعة في 23 آذار 1949″. وهذا يدلّ على أنّه لا يمكن لأي طرف أن يتراجع عن هذه الإتفاقية أو لا يعترف بها. واتفاقية الهدنة هذه، تضع الأراضي اللبنانية التي احتلّتها القوات “الإسرائيلية” ضمن مساحة لبنان الجغرافية. الأمر الذي يجعل من غير الممكن، أن تسعى “إسرائيل” الى تغيير حدود لبنان الدولية، المتفق عليها في عامي 1923، و1949.

 

وبناء عليه، فإنّ الاجتماع الأول العملي لـ “آلية المراقبة” الخماسية اليوم الثلاثاء في الناقورة، الذي يُتوقّع أن تحضره ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان جنين-هينين بلاسخارت، بناء على طلب رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، الى جانب الجنرالات رئيس الآلية الأميركي جاسبر جيفرز، والفرنسي غيوم بونشان، واللبناني إدغار لاوندس الذي شغل سابقاً قائد منطقة جنوب الليطاني (على رأس ثلاثة ضبّاط آخرين)، وجنرال من قوّة “اليونيفيل” وآخر “الإسرائيلي”، سيبحث في تفاصيل تنفيذ الورقة التي أعدّها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين.

 

ولعلّ أوّل ما سيتمّ التطرّق اليه، بحسب المعلومات، هو أن تسحب “إسرائيل” قوّاتها بشكل تدريجي الى جنوب الخط الأزرق خلال الفترة المتبقية من مهلة الـ 60 يوماً، على أن يسحب حزب الله عناصره الى شمالي نهر الليطاني، الأمر الذي من شأنه تسهيل عودة المهجّرين الى منازلهم على جانبي الحدود. علماً بأنّ تدمير قسم كبير من الوحدات السكنية فيها، يُعيق اليوم عودة الكثير من الجنوبيين الى القرى والبلدات اللبنانية، الأمر الذي سيتمّ البحث فيه لاحقاً. فالاتفاق يذكر بأنّ الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا تعتزمان قيادة الجهود الدولية لدعم بناء القدرات والتنمية الإقتصادية في جميع أنحاء لبنان لتعزيز الإستقرار والإزدهار في هذه المنطقة. ولا بدّ من مناقشة كيفية تقديم مساعدتهما في هذا الإطار لتمكين المدنيين على جانبي الخط الأزرق من العودة بأمان الى أراضيهم ومنازلهم.

 

من هنا، استبعدت الأوساط الديبلوماسية، أن تتمكّن “إسرائيل” من تغيير ما جرى الإتفاق عليه، كأن تُقرّر البقاء في المنطقة العازلة، أو في القرى الحدودية التي دخلتها، وتعطي ذريعة، كتلك التي أعطتها عندما احتلّت جبل الشيخ في شقّه السوري، أي بهدف تأمين أمن المستوطنين (في المستوطنات الشمالية هنا)، سيما وأنّ آلية المراقبة الخماسية سوف تبحث في كيفية انتشار عناصر الجيش اللبناني الى جانب قوّات “اليونيفيل” في المنطقة الجنوبية، تزامناً مع تنفيذ انسحاب القوّات “الإسرائيلية”. علماً بأنّ عدد المستوطنين يبلغ نحو 67 ألف نسمة، وهم يرفضون العودة الى منازلهم، بحجّة أنّهم لا يثقون باتفاق وقف إطلاق النار الذي جرت الموافقة عليه من قبل لبنان و”إسرائيل” بوساطة أميركية وفرنسية في 27 تشرين الثاني المنصرم.

 

وترى الأوساط أنّ الأهمّ هو وقف الخروقات “الإسرائيلية” للاتفاق، ووقف تحذيراتها بالتالي التي تأتي على لسان أفيخاي أدرعي الى سكّان جنوب لبنان، بعدم العودة الى قراهم (وعددها 70 قرية). فالجيش سيبسط سيطرته على أراضيه، ولا بدّ من احترام السيادة اللبنانية، وعدم التذرّع بورقة الضمانات الأميركية، وإلّا فإنّ لبنان سيعتمد عندئذ “حقّه الصريح بالدفاع عن النفس”، على ما تمّ التوافق عليه في اتفاق وقف إطلاق النار. وبالطبع لا أحد يريد أن تتمّ المواجهة العسكرية بين الجيش اللبناني والعدو “الإسرائيلي”، لا سيما في هذه المرحلة بالذات، التي لم يتمّ فيها بعد تعزيز قدرات الجيش اللبناني لكي يتمكّن من الدفاع عن أرضه وسيادته، وفقاً لما ينصّ عليه القانون الدولي.