ولا احترام للميثاق هل نحن في مبارزة بين الدستور والميثاق الوطني؟ ماذا يعني أن يبدو الحديث عن الإمساك بتطبيق الدستور كأنه رد على التمسك بالميثاق وتهديد لفريق سياسي؟ من يتحمل المسؤولية عن أخذ البلد الى طريق مسدود وحشره في زاوية الحاجة الى ما يسمى تشريع الضرورة قبل المسؤولية عن الخلاف السياسي على ما هو ضروري؟ أليست الدولة المقتدرة هي التي تحوّل الطوارئ ضرورات كما كان يقول الرئيس الاميركي تيودور روزفلت؟ وهل من يفعل العكس، بحيث يحوّل الضرورات طوارئ سوى السلطة العاجزة التي لا تستطيع حمل أثقالها ولا تغييرها؟
المعادلة، حسب المنطق الوطني، هي انه لا شيء يكمل الاحتكام الى الدستور سوى احترام الميثاق. والمعادلة في الواقع الذي نحن فيه خارج هذا المنطق هي انه لا الدستور مطبّق، ولا الميثاق محترم. وليس غريباً على تركيبة سياسية تختلف على تفسير الدستور المكتوب ان تختلف وتتصارع على مفهوم الميثاقية في ميثاق غير مكتوب. ولا فرق سواء كان المقصود ميثاق ١٩٤٣ الذي حمى العيش المشترك وأثرى التجربة اللبنانية ولم ندخل في ازمات حادة وحروب الا حين يهتز، أو وثيقة الوفاق الوطني في الطائف التي أهم ما فيها الروح لا مجرد النص.
ذلك ان المواثيق بلا سيوف مجرد كلمات حسب الفيلسوف توماس هوبز. وما يتحكم بالدستور والميثاق والبلد والناس هو موازين القوى الخارجية قبل الداخلية المرتبطة بها. فلا علاقة لما وصلنا اليه بالدستور والميثاق. ولا ما بقي من الديمقراطية سوى ممارسة الفيتو والقدرة على التعطيل بدل تشغيل المؤسسات والتنافس في تقديم المشاريع المنتجة لا على صفقات المشاريع المدهنة.
وليس العجز المبرمج عن انتاج قانون انتخاب أقل من جريمة ضد الدستور والميثاق. وأكبر ضربة للميثاقية ودور المسيحيين الوطني ومستقبل لبنان هي إبقاء الشغور في رئاسة الجمهورية. واذا كنا في حاجة ماسة الى إقرار قوانين مالية تأخرنا كثيراً في إقرارها بشكل طبيعي قبل الوصول الى تشريع الضرورة، فماذا عن قوانين الانتخاب واستعادة الجنسية وسواها من المشاريع المعلقة منذ سنوات، وهي أكثر من ضرورة لاعادة تكوين السلطة؟ أليس حلّ أزمة النفايات من الضرورات؟ وهل كنا في حاجة الى كل هذا الجدل تحت عناوين دستورية وميثاقية ومالية لو أجرينا انتخابات نيابية في موعدها حسب قانون جديد بدل التمديد للمجلس، وتولى المجلس انتخاب رئيس للجمهورية بما يفتح الباب نحو حكومة جديدة خاضعة للمراقبة والمحاسبة؟
التشاطر زاد عن حدّه تحت عنوان الحكمة. –