Site icon IMLebanon

زيارة ظريف: تسويق للنووي أو تمهيد لتسوية؟ الردّ العونيّ معيار لنضج رزمة التفاهم

هل يمكن القول ان قرار وزير الدفاع سمير مقبل تمديد مهلة تسريح قائد الجيش ورئيس الأركان قد مر بهدوء، بما يؤشر الى ان قطار التسوية المحلية سلك طريقه، ام انه لا يزال مبكرا هذا التوقع في ضوء ما يتردد عن ان رد الفعل العوني على القرار متوقع اعتبارا من اليوم؟

من الواضح ان قرار التمديد لم يكن نتيجة تفاهم محلي حصري، بل كان لدول القرار المعنية بلبنان كلمتها، انطلاقا مما تثيره المؤسسة العسكرية من اهتمام وحرص دوليين على حمايتها وابعادها عن الصراع السياسي، لما تمثله من خط اخير لصون الاستقرار والحفاظ على النموذج اللبناني.

ويتوقف مراقبون عند ترقب ردة فعل رئيس “التيار الوطني الحر” على هذا القرار، بعدما خاض معارك بلغت حد تعطيل الحكومة لمنع صدوره. ورأوا ان ردة الفعل هذه ستكون معيارا ومؤشرا للمرحلة التي بلغتها التسوية المرتقبة محليا.

ولم يستبعد هؤلاء في ظل مناخ من الحلحلة النسبية بدأ تلمسه اخيراً ان تقتصر ردة الفعل على حركة محدودة في الشكل والمضمون تصب في غالبيتها في إطار حسابات خاصة بالتيار في مرحلة انتخابية يتنافس المرشحون فيها على تسجيل نقاط في الدفاع عن حقوق المسيحيين وتحسين تمثيلهم.

وعليه، تشخص أنظار المراقبين الى ما ستحمله زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لبيروت الثلثاء المقبل واللقاءات التي سيعقدها ومضمون المناقشات التي سيتناولها مع المسؤولين اللبنانيين.

ورغم ان الزيارة تندرج في إطار الجولة التي يقوم بها ظريف على عدد من الدول العربية، ومنها مصر والكويت وقطر، لشرح مضامين الاتفاق النووي الذي وقّعته طهران مع الدول الخمس الكبرى وألمانيا ، فإن لزيارة بيروت دلالات مهمة باعتبار ان الساعة اللبنانية ظلت مضبوطة على إيقاع المفاوضات النووية منذ بدئها، ولا يمكن بالتالي ألا يحمل التوقيع تبدلاً ما في المشهد السياسي الداخلي المأزوم. وعليه، يستبعد المراقبون الا يحمل ظريف أفكارا او مواقف تعكس الانفتاح الايراني على الملفات الجامدة الداخلية، خصوصا ان تفعيل العمل الحكومي والتشريعي يسهل وضع الاتفاقات التجارية والمالية والمصرفية بين بيروت وطهران موضع التنفيذ بعد رفع العقوبات الاميركية والدولية عن الاخيرة.

ويلمس المراقبون مشهدا متحركا جدا على صعيد دول المنطقة، متوقفين عند أكثر من إشارة لها دلالاتها، وليس آخرها محادثات وزير الخارجية السوري وليد المعلم في عُمان أو زيارة رئيس الامن القومي السوري علي المملوك الى المملكة العربية السعودية والتي لم يصدر أي نفي في شأنها، فضلا عن المرونة التي يبديها الجانب الروسي حيال الملف السوري.

وينقل وزراء عن سفراء عرب التقوهم أخيراً، تأكيدا للمناخ المتحرك إقليميا والذي يرى هؤلاء أنه لا بد أن يكون له انعكاساته على الساحة اللبنانية.

ومن أول المؤشرات المطلوب رصدها في الايام القليلة المقبلة، مصير الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، وما إذا كانت ستعود إلى البحث في جدول أعمال عادي، خصوصا أن جلسات المجلس علقت أخيرا بعد موقف “التيار الوطني الحر” رفض البحث في أي بند قبل بت ملفين أساسيين: الوضع في عرسال والتعيينات العسكرية. وقد أصبح الملفان في عداد المنجزَين. ثم عاد التيار ليطرح مسألة آلية العمل الحكومي. وعلى هذا الموضوع يتوقف مدى استعداد التيار للتسهيل أو للعرقلة.

أما المؤشرات الاخرى فتتجه نحو ساحة النجمة لتبين ما إذا كان الدفع الذي قام به رئيس المجلس نبيه بري في اتجاه إنجاز الملف العسكري والتمديد لقائد الجيش سيؤتي ثماره فتحاً لأبواب البرلمان أمام التشريع، علماً أن كل المعلومات تشير حتى الآن الى أن الرزمة المتكاملة التي جرى الحديث عنها في إطار التسوية تشمل تفعيل الحكومة والمجلس وإخراج مسألة قيادة الجيش من البازار السياسي، تمهيدا للتوافق على الاستحقاق الرئاسي الذي لن يكون أوانه قريباً، أقله ليس قبل أن يدخل الاتفاق النووي مرحلة التنفيذ، أي مع مطلع السنة المقبلة، وهي مدة كافية لإختبار حسن النيات على ضفتي الاتفاق.