لم يمضِ شهر على تشكيل حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري، حتى عاد العمل المؤسساتي ليسلك مساره على المستويات كافة مبشراً بحكومة واعدة انطلقت بوزاراتها لتحلحل عقد الملفات التي أصابها «صدأ» التعطيل، ولعل مشهد السرايا الحكومية أمس خلال إطلاق «خطّة لبنان للاستجابة للأزمة 2017-2020» خير دليل على مضي الرئيس الحريري بتنفيذ ما وعد به في بيانه الوزاري بإعطاء ملف النازحين أولوية في حكومته التي خصص فيها وزارة دولة «لشؤون النازحين» وعيّن مستشارين لمتابعة تفاصيل الملف الذي دخل في تشابك عمل الإدارات ما بين «وزارة الدولة« ووزارة الشؤون الاجتماعية التي تولت هذا الملف سنوات.
اختصر مشهد السرايا أمس عودة زمام الأمور الى عهدة الدولة، إذ لم تقتصر الجهوزية على الوزراء المعنيين بالملف والالتزام بتجنيب لبنان تداعيات الوضع الضاغط للجوء السوري، بل أظهر ممثلو المنظمات الدولية والجهات المانحة الثقة برؤية حكومة الحريري والالتزام بمساعدتها ودعمها لضمان السلام والأمن والاستقرار في لبنان وحماية حقوق جميع الأشخاص وتأمين احتياجات النازحين والمجتمع المضيف والتي تفوق قدرة الحكومة اللبنانية وشركائها على توفير الخدمات الكافية.
تأخذ الخطة في الاعتبار وضع اللاجئين واللبنانيين الذين يعانون من الوضع الضاغط للجوء السوري إذ يضمّ فريق العمل أكثر من 104 شركاء يعملون لمساعدة 2.8 مليوني شخص مستضعفٍ يعيشون في لبنان، وتهدف الخطة إلى توفير الحماية والمساعدة الفوريّة إلى 1.9 مليون من لاجئين سوريين وفلسطينيين، ولبنانيين مستضعفين، كما تقديم الخدمات الأساسية إلى 2,2 مليوني شخص، فضلاً عن الاستثمار في البنى التحتيّة اللبنانية، والقطاع الاقتصادي، والمؤسسات العامة.
طالبت الحكومة اللبنانية وشركاؤها الوطنيّون والدوليّون بمبلغ قدره 2.8 ملياري دولار من أجل تقديم المساعدة الإنسانية والحماية في الحالات الحرجة، وكذلك الاستثمار في البنى التحتيّة في لبنان، وقطاعي الخدمات والاقتصاد المحلي، ولحظت حاجة إلى مزيد من الاهتمام لتحويل الأزمة إلى فرصة ومعالجة معوّقات التنمية القائمة وتمكين الجميع من الحصول على التعليم، سواءً كانوا لبنانيين أو لاجئين سوريين، وتشجيع الاستثمارات لتحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل من خلال تواصل التضامن الدولي وتقاسم المسؤوليات بهدف تعزيز التنمية في لبنان وصموده.