مرّت جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس بدعوة من رئيس الحكومة بعد تعليقها أسبوعين احتجاجاً من الرئيس تمام سلام على الركود الذي حلّ بحكومته نتيجة مشاكسة عدد من الوزراء وتعمّدهم عرقلة أعمال وقرارات مجلس الوزراء متذرعين بالإتفاق السابق على آلية عمل المجلس وهي شرط الإجماع على أي قرار يقدم مجلس الوزراء على اتخاذه.
واستناداً إلى المعلومات الرسمية والمتسربة عن جلسة أمس فإن الوزراء كافة أبدوا كل استعداد لتسهيل عمل مجلس الوزراء لإنجاح الحكومة في تسيير عجلة الدولة واستمرارية الحكم من دون أن يعني ذلك التخلي عن الاستحقاق الرئاسي أو تجاوزه بحجة أن «الحال ماشي» من دون أن يكون هناك رئيس للدولة يحافظ على موقعه وقَسَمِه على احترام الدستور وعلى وحدة البلاد، وعلى ضبط انتظام المؤسسات الدستورية من سلطة اجرائية معطّلة وسلطة تشريعية تكاد تكون معطّلة أيضاً لولا بعض الجلسات التي تعقدها بين الحين والاخر اللجان النيابية والدعوات التي يطلقها رئيس المجلس كل أسبوعين للهيئة العامة من أجل انتخاب رئيس الجمهورية ولا يكتمل نصاب أي منها بسبب مقاطعة نواب تحالف الثامن من آذار لها باستثناء نواب حركة «أمل» بطلب من الرئيس بري بوصفه رئيساً للسلطة الاشتراعية ولا يجوز أن يرتكب هو أو نوابه خطأ فادحاً كمثل مخالفة الدستور والمساهمة في تعطيل عمل المجلس النيابي.
إذاً الجلسة الوزارية مرّت بهدوء وبتراجع الوزراء المشاكسين عن تعمّدهم تعطيل آلية عمل الحكومة بذريعة أن هناك اتفاقاً أبرم بين أعضائها ورئيسها يقضي بأن تؤخذ كل قرارات مجلس الوزراء بالإجماع أو بالتوافق إذا كان يعني الإجماع، وبذلك لم يعد باستطاعة رئيس الحكومة التذرع بأن تقصر حكومته في تسيير عجلة الدولة، والتصدي للمشاكل الآنية للناس يتحمل مسؤوليته الوزراء المشاكسون الذين يصرّون على الإجماع في اتخاذ القرارات وذلك بهدف تعطيل عمل الحكومة وعدم إنتاجيتها كما هو واقع الحال حتى الساعة، ولكن ماذا عن الاستحقاق الرئاسي وكيف يمكن للحكومة أن تضبط إيقاعها وأن تساهم في تسريع الانتخابات الرئاسية ما دامت المواقف على حالها، وما دام تحالف الثامن من آذار يقاطع الجلسات التي يدعو إليها رئيس المجلس مشترطاً لحضوره موافقة تحالف الرابع عشر من آذار على انتخاب مرشح تحالف الثامن من آذار العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وما لم يؤخذ بهذا الشرط، فلا اجتماع يعقد لمجلس النواب وبالتالي لا رئيس جمهورية يبدد الهواجس التي تنتاب المسيحيين من استمرار الشغور في هذا الموقع العائد لهم وفق تقسيمات إتفاق الطائف قبل خمس وعشرين سنة.
هذا السؤال مطروح أولاً على حزب الله وعلى العماد عون اللذين يعطلان الانتخابات الرئاسية، ومطروح ثانياً على بكركي التي تبدي تخوفها من بقاء الشغور في رئاسة الجمهورية من دون أن تقدم على أية خطوة جريئة بهذا الخصوص وترفع الغطاء عن الجهة المسيحية التي تمنع أن يكون للبنان رئيس مسيحي للجمهورية يحافظ من خلال قَسَمِه على وحدة البلاد، وعلى الوجود المسيحي، وتكتفي فقط بتوجيه نداءات الاستغاثة من أجل المحافظة على الوجود المسيحي في هذا الشرق الذي تتعرض فيه دوله لتغييرات ديمغرافية لم تكن منتظرة أو متوقعة، فهل تخاف بكركي من إغضاب المسؤولين المباشرين عن تعطل الانتخابات الرئاسية أم أنها ما زالت تأمل من هؤلاء أن يقوموا بمبادرة تلقائية تضع حداً لهذه الأزمة التي بات استمرارها يهزّ الكيان اللبناني؟