بالتزامن مع قرار مجلس الأمن الدولي دعوة المنسق الخاص للأمم المتحدة لدى لبنان ديريك بلامبلي الى الاسراع في انتخاب رئيس للبنان، ومن خلاله دعوة اللبنانيين الى كسر كل الحواجز التي تعيق انتخاب رئيس لهم، يوقف مسلسل تفكك دولتهم وانهيارها، وبعد وقت طويل من الصمت، وبالتزامن مع تعثّر المفاوضات مع إيران حول الملف النووي وتأجيل موعد التوقيع على الاتفاق الذي كان مقرراً مبدئياً في الرابع والعشرين من الشهر الجاري، ومع الستاتيكو الذي تشهده ساحات القتال في سوريا والعراق، وفشل التحالف الدولي في القضاء على داعش أو وقف توسعها في هاتين الدولتين، بالتزامن مع كل هذه التطورات، وما تحمله من دلالات على استمرار الغموض بالنسبة الى مصير هذه المنطقة، تحركت الولايات المتحدة الأميركية عبر سفيرها في بيروت ديفيد هيل انطلاقاً من بكركي رأس الكنيسة المارونية والمعنية بشكل مباشر بالاستحقاق الرئاسي كون رئيس الجمهورية، وفق اتفاق الطائف والميثاق الوطني الذي اجتمعت حوله وارتضته المجموعات والطوائف اللبنانية من حصة الطائفة المارونية طارحاً من هناك أسئلة كثيرة تعبّر عن قلق الولايات المتحدة من استمرار هذا المركز شاغراً في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة تحولات كبيرة وخطيرة، وترافق هذه الأسئلة مع حثّ اللبنانيين على انتخاب رئيس الجمهورية في أقرب وقت ممكن وبما يتفق مع الدستور اللبناني وما أعقب ذلك من تعويل الدبلوماسي الأميركي على مكان القوة في هذا الدستور لا هدمه، ومع وضعه حزب الله في قائمة المخاطر التي تتهدد لبنان إذ قال أن على رأس المخاطر استمرار تنظيم مسلح هو حزب الله في حمل السلاح والتصرف منفرداً من دون محاسبة، وما دام التصرف على هذا النحو، سيبقى الاستقرار والنمو محدودين وتشديده بعد ذلك على أن يكون الدفاع عن الأراضي اللبنانية محصوراً بالمؤسسات الأمنية الرسمية إذ هي وحدها خاضعة لمحاسبة الشعب في حين أن أي تنظيم مسلح لا يخضع لهذه المحاسبة، الى تحذيره من قرارات الحرب والسلم والحياة والموت يجب أن تكون لحكومة مشكّلة وفق الدستور وقابلة للمحاسبة أمام الشعب اللبناني لا لميليشا تخضع للمحاسبة أمام دولة أجنبية. كل هذه المواقف شكلت ترجمة واقعية للأسئلة التي طرحتها الولايات المتحدة الأميركية على رأس الكنيسة المارونية، والتي هي أيضاً برسم القيادات المسيحية التي تعرقل أو تشارك في عرقلة انتخاب الرئيس الماروني وتتغاضى عن ممارسات حزب الله التي تشكل بدورها إلغاء للدولة اللبنانية برئاسة مسيحي ماروني وحلولها محلها فيما هذه القيادات التي يفترض في أن من أولى واجباتها حماية الوجود المسيحي في لبنان من خلال احترام الدستور اللبناني والسيادة ومن خلال الالتزام بالأصول الدستورية التي تجعل الدولة وحدها هي صانعة القوانين والحامية لها وهي وحدها بمؤسساتها الأمنية الرسمية المسؤولة عن الأراضي اللبنانية والدفاع عنها لأنها هي وحدها خاضعة لمحاسبة الشعب اللبناني في حين أن أي تنظيم مسلح لا يخضع لهذه المحاسبة، ولا بد من أن هذا الموقف الأميركي موجه بالدرجة الأولى الى رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون الذي ربط المسيحيين عموماً والموارنة حصراً بحزب الله الذي يسير بالدولة اللبنانية نحو الهاوية وهذا وحده يقضي على الوجود المسيحي في لبنان وامتداداً الى كل المنطقة العربية.