رغم رفع نسبة الاستيعاب في المطاعم الى 50% وفق تعديل قرار التعبئة العامة، والسماح بفتح احواض السباحة والمنتجعات والفنادق والمقاهي، الّا انّ الحركة السياحية لا تزال خجولة. فهل هذا التراجع يعود الى الخوف من كورونا، ام ان تراجع قدرة المواطن الشرائية باتت تفرض نمط حياة مختلفاً؟
إعتبر نقيب أصحاب المطاعم طوني الرامي، انّ أزمة كورونا هي أهون الشرور من ضمن أوضاع البلد، فالقطاع فقد سيولته بسبب أزمة المصارف، ثم فقد قدرته الشرائية كما فقد العامل النفسي، واتى ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة ليشكّل عبئاً كبيراً على القطاع، خصوصا انّه حتى الآن القطاع الوحيد الذي يشتري الدولار على 4000 ليرة ويبيعه للزبون بـ 1500 ليرة.
وأكّد انّ هناك صعوبة كبيرة في الاستمرار بهذه الأسعار المتدنية، لكن ليس لدينا القدرة على رفع الاسعار، كون السيولة والقدرة والعامل النفسي غير متوفرة، اضف الى ذلك، انّ القطاع المطعمي ما عاد حاجة انما اصبح من الكماليات، على عكس السوبرماركت والصيدليات القادرة على رفع الأسعار كونها حاجة.
أضاف: «رغم استمرارنا على الأسعار القديمة لا حركة في القطاع فكيف اذا رفعنا الأسعار»؟
وعن نسبة الإقبال على المطاعم، قال: «انّ بعض الشوارع السياحية مثل شارع مار مخايل والجميزة تشهد اقبالًا خفيفاً على الحانات، اما المطاعم فتنازع، وسنكون امام موجة جديدة من الاقفالات في القطاع، التي لا يمكن احصاؤها حالياً، لأنّ غالبية المؤسسات المطعمية لا تزال مقفلة جنوباً وشمالاً وبقاعاً. لكن مجموعات كبيرة من المطاعم ستقفل قريباً، وسيتظهّر ذلك خلال شهر من الآن».
ولفت الرامي الى انّ «المؤسسات السياحية كانت تنتظر خطة من الحكومة بمجموعة مطالب رفعناها لإنقاذ القطاع، انما للأسف لم تحرّك الدولة ساكناً تجاه هذا القطاع الحيوي».
وعن ارجاء البت بمطالب القطاع لضمّ بقية القطاعات الاقتصادية المتضرّرة اليها، قال: «دائما هناك أولوية في الحياة، فحالة من يدخل العناية الفائقة لا تشبه من يحتاج الى عملية». وختم بالقول: «انّ القطاع السياحي ميّز لبنان لكن للأسف لبنان لم يميّزه».
المؤسسات السياحية
من جهته، أشار الأمين العام لاتحاد المؤسسات السياحية البحرية جان بيروتي، الى انّ المنتجعات السياحية بدأت تفتح أبوابها تدريجياً، لكن حتى الآن لم تتخطَ نسبة الفتح 10%، مرجّحاً ان تتراجع هذه النسبة حتى نهاية الشهر، نظراً للتحدّيات الكثيرة، لا سيما منها ارتفاع الكلفة التشغيلية. اذ لم يعد ممكناً مقاربة الأسعار، التي حافظت في غالبيتها على أسعار العام الماضي، على سعر صرف 1500 ليرة، مع الارتفاع الحاصل في ثمن البضاعة، التي تُسعّر على سعر صرف 4000 ليرة، ما يعني اننا في خسارة.
وإذ وصف بيروتي الوضع بالسيئ جداً، قال لـ«الجمهورية»: «لا نعرف كم سنصمد بعد، خصوصاً وأنّ عدد الزوار قليل جداً لسدّ هذه الفجوة. ففي حين تفرض شروط التعبئة العامة الّا تتخطّى نسبة الاستيعاب الـ 30 في المئة لم نتخطَّ حتى الآن نسبة الـ 10 في المئة».
وعزا بيروتي هذا التراجع في الإقبال على المنتجعات السياحية الى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين بشكل لافت. فالأولوية اليوم للإنفاق في السوبرماركت والصيدلية واللحام وشراء المحروقات، وإذا تبقّى شيء من الراتب يذهب للكماليات.
ولفت رداً على سؤال، الى انّ استبدال احواض السباحة بأحواض منزلية على الشرفات اتى خوفاً من كورونا، لكن المؤسسات السياحية اتخذت كل التدابير والتزمت كل المواصفات الصحية المطلوبة للوقاية من كورونا، كما انّ تناول الطعام في المنزل لا يشبه تناول الطعام في المطعم، كذلك الذهاب الى السباحة لا يشبه احواض السباحة في المنزل.
وأكّد بيروتي انّ تراجع ارتياد اللبنانيين للمنتجعات السياحية ليس بسبب كورونا انما لفقدان القدرة على الإنفاق، أي بمعنى آخر، انّ المشكلة الأساسية تعود الى الأزمة الاقتصادية الصعبة التي نمّر بها، وللأسف حتى الآن لم تقدّم الطبقة السياسية أي حلول شافية بعد.
وعن ارجاء البت بمطالب القطاع السياحي ريثما يتمّ البحث في سلّة إجراءات تطال بقية القطاعات، قال بيروتي: «انّ القطاع السياحي لا يساوى ببقية القطاعات، لأننا اول القطاعات التي تضرّرت، ولم نتمكّن حتى اليوم من استرجاع نشاطنا، إذ في حال لم تُفتح أبواب السياحة الخارجية تجاه لبنان فلا امل بالحياة تجاه هذا القطاع مطلقاً، خصوصاً في ظلّ تمديد فترة التعبئة العامة وإرجاء فتح المطار مجدداً. وفي السياق، استعان بيروتي بقبرص كمثال عن بلدان تعي أهمية القطاع السياحي. فقد فتحت أرجاءها وأعلنت تكفّلها بمعالجة من يُصاب بكورونا على أراضيها على نفقتها الخاصة. وشدّد على انّ السياحة قادرة على حلّ أزمة الدولار في لبنان من خلال ما سيصرفه السياح.
تسوية أوضاع المؤسسات
من جهة أخرى، أكّد بيروتي انّ معظم المؤسسات السياحية دفعت متوجباتها للدولة عن عام 2018 لمعالجة أوضاعها القانونية، أما متوجبات العام 2019 فهي قيد التحصيل. وأشار الى انّ الغرامات والايجارات المتراكمة على المنتجعات السياحية ضخمة، كونها تعود لـ25 عاماً الى الوراء، وهي مقدّرة بما مجموعه الف و200 مليار ليرة، أي ما يوازي 800 مليون دولار، وحتى اليوم جرى دفع حوالى نصف المبلغ من قِبل المؤسسات السياحية أي 400 مليون دولار. ولفت الى انّ القانون علّق المِهل حتى 30 تموز، ومن لم يتقدّم بعد بطلبات معالجة أوضاعهم فأمامهم مهلة حتى 11 آب.
واستغرب بيروتي تركيز الاهتمام فقط على ما يمكن ان تجنيه الدولة من الأملاك البحرية، علماً انّ أصحاب هذه المؤسسات لم يتهرّبوا يوماً من مسؤولياتهم، ولطالما ناشدوا الدولة ان تحدّد البدل المتوجب، انما الدولة هي من تأخّر 25 عاماً، متسائلاً، ماذا عن التعدّيات على الأملاك النهرية التي تبلغ مساحتها ثلاثة اضعاف الأملاك البحرية؟ ماذا عن أملاك الدولة الخاصة المحتلة من قِبل افراد؟ لا أحد يأتي على ذكرها، فقط الأملاك البحرية لأنّ لها هوية معينة ويتحرّك الملف سياسياً.