IMLebanon

استعادة الميثاقية وحفظ الكيان

هي كرة نار داخلية تحاول أطراف متضررة أنْ تلقيها إلى الخارج وتسعى لإيجاد «كبش محرقة» أو استهداف ما تعتبره خاصرة رخوة. هذه باختصار حقيقة استهداف العهد الجديد من زاوية اختلاق خلافات بين «التيار الوطني الحر» وحزب المقاومة، للتعمية على عدم تقبل وقائع التغيرات الهادفة إلى إرساء نظام ميثاقي.

ولعل حجم التركيز على العلاقة بين «التيار الوطني الحر» و»حزب الله»، بكلّ الضوضاء الذي ترافقه، مؤشر إلى أزمة الفريق المستهدِف التحالف، لا إلى نجاحه في بث الفرقة، ويؤكد أن التفاهم الإستراتيجي بين ما يمثله «التيار» وما يمثله «الحزب»، هو صخرُ «جبل» لا يهتز. فالتفاهم بات سلوكاً سارياً ودماءً جارية في عروق العونيين ومناصري «حزب الله».

وبعد معمودية النار القاسية في حرب تموز، ها هم مؤيدو «التيار الحر»، يرقبون بألم سقوط شهداء «حزب الله» في مواجهة مشروع تكفيري لم يكن ليُبقي أو يذرّ لو نجح، ويدركون جيداً أن حماية أدبياتهم الكيانية التقليدية نفّذها الشهداء بدمائهم. أما مؤيدو المقاومة، فهم فرحون بوصول «الجبل» إلى الرئاسة، ويدركون في أعماقهم أنه ليس حامياً للثوابت فحسب، بل عنوان للاستقرار ومعبر للتفاهم والجمع.

إذن كيف نصوّب في ظل جدران الصد؟ فلتكن الخاصرة الرخوة!

أساساً جبران باسيل مزعج. يستخدم لغة لم نعتد عليها في الماضي، ولا يكتفي بما اعتدناه في مسار وزراء الخارجية السابقين. ميثاقية، كيانية، حقوق، توازن، أرض، وجود، ويعطي البعد اللبناني الكياني الأولوية، مركّزاً على قوة لبنان الحقيقية المتمثلة في المغتربين ويسعى لاستعادتهم إلى قلب المعادلة الاقتصادية والسياسية.

ما يجهله الفريق المتحامل، أن البعد الإستراتيجي والالتفات المشرقي، هو الجانب الآخر للخطاب الكياني لدى رئيس «التيار». لم تعد «المشرقية» مصطلحاً ثقافياً أو سياسياً، بل تعبير عن خيار راسخ ليس في خطوات الرئيس عون وباسيل فحسب، بل في تفكير كل مؤيدي «التيار الوطني». إنها تعبير عن التجذّر في هذه المنطقة، والحفاظ على عناصر قوة لبنان، وتترجم بفهم وجدان «حزب الله» ومقاومته، وبأهمية دور الدولة السورية في حفظ وحدة سوريا ومواجهة مشروع الإرهاب التكفيري واستخداماته.

استعادة الميثاقية وحفظ الكيان، لا ينفصلان في خطوات باسيل عن الحفاظ على الثوابت الإستراتيجية التي صنعت استقرار لبنان.

حتما، كل حملة ستساهم في ازدياد الالتفاف الداخلي حول جبران باسيل.

(&) صحافي وباحث سياسي