IMLebanon

التضييق على “حزب الله” مالياً وسياسياً لإضعافه هل تدفع الحكومة ثمن الأخطاء الخارجية؟

قد تكون جهود رئيس مجلس النواب نبيه بري من بروكسيل نجحت في منع تفجر الأزمة بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” عبر تأمين انعقاد جلسة الحوار الثنائي بينهما، لكنها حتماً لم تلجم المناخ المشحون بينهما، والذي يعززه استمرار الاجراءات التصعيدية من المملكة العربية السعودية ودول الخليج تجاه لبنان، بما يشي أن لا تراجع في السياسة العربية المنتهجة راهناً، بل على العكس، تتجه الامور إلى مزيد من التصعيد، على رغم تفاؤل بري بقرب انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

يبدو واضحا من المسار التصعيدي الذي لا تزال تسلكه علاقة لبنان بالمملكة وبعدد من دول الخليج المتضامنة مع الرياض، أن كل الاجراءات والتفسيرات التي قدمتها الحكومة اللبنانية وبعض التيارات والقوى السياسية التي تدور في الفلك السعودي، لم تكن كافية لدفع القيادة السعودية إلى إعادة النظر في سياستها حيال لبنان، والسبب أن كل ما حصل لا يصيب الغاية المرتجاة.

فالموقف السعوي، بقدر ما يستهدف “حزب الله” والفلك الايراني الذي يدور فيه، يصب غضبه على فريقه السياسي في لبنان الذي خذله في المواجهة الحادة التي تخوضها المملكة مع إيران والحزب تحديدا في جبهات أخرى. وتأتي الحكومة في مقدم هذا الفريق، إذ لم يكن تعاملها مع ما اعتبرته المملكة إساءة الى العالم العربي على مستوى التوقعات، بدليل التغاضي عن موقف وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمر دول التعاون الاسلامي، فضلا عن عدم المبادرة إلى تصحيح الخطأ، بل الذهاب إلى حد الامعان فيه من خلال تغطية ذلك الموقف، وهو ما طرح علامات استفهام كبيرة حول من يحدد السياسة الخارجية للبنان؟

وفي حين توقفت مراجع سياسية عند الخشية التي برزت أخيرا في بعض الأوساط من أن يكون الموقف السعودي تخليا عن لبنان وتركه تحت تأثير النفوذ الايراني، أكدت أن المملكة ومعها الخليج العربي لم يتحركا إلا بعدما لمسا أن لبنان بات فعلا في القبضة الايرانية، وان الهدف بات اليوم عزل نفوذ الحزب وإعادته الى لبنانيته عبر الضغط في اتجاه تأكيد الهوية العربية للبنان.

وعزت المراجع قراءتها هذه الى أنه مضى على لبنان اكثر من عام ونصف عام من دون رئيس للجمهورية بفعل تعطيل “حزب الله” الاستحقاق. وعندما سلَم رئيس “تيار المستقبل” بقبول بانتخاب رئيس من صفوف الحزب والتحالف الآذاري الذي يقوده، بحيث تكون الحكومة من نصيب الفريق الآخر، تبين ان الحزب بات يستحوذ على الرئاسة وعلى الحكومة، كما يستحوذ على كل المفاصل الاساسية في إدارات الدولة ومؤسساتها. فالأداء الحكومي الاخير بيَّن ان الكلمة الفصل للحزب.

وعليه، تخشى المراجع ان يكون على حكومة الرئيس تمام سلام (كاملة أو على وزير خارجيتها؟) أن تدفع ثمن أخطاء السياسة الخارجية، بعدما عجزت ولا تزال عن إصدار موقف حازم يثبت قولا لا فعلا التزام لبنان الحضن العربي. لكنها تستدرك لتقول إن الامور لن تصل إلى هذا المستوى، وعلى الجميع النزول عن “السطوح العالية” واستدراك الاخطاء المرتكبة.

ودعت المراجع إلى التروي، من دون أن تغفل أهمية العودة إلى التركيز على الاستحقاق الرئاسي وضرورة إنضاج تسوية رئاسية تعيد إنتاج سلطة جديدة قادرة على التعامل مع الاستحقاقات الداهمة. وأكدت أن المطلوب عدم الانزلاق نحو المواجهة، كاشفة ان الكرة باتت في مرمى “حزب الله” الذي بدأ يدرك أن قرار التضييق عليه بات واقعاً، بدءاً من التضييق المالي الذي بدأته الولايات المتحدة الاميركية وصولا إلى الإجراء الاخير الذي اتخذته السعودية أمس والقاضي بتصنيف 3 أفراد و4 شركات بتهمة الارهاب لارتباطهم بالحزب.