مذهلة نتائج الشهادات الرسمية في لبنان. بدأت مذهلة منذ سنوات، وازددنا ذهولاً أمامها في السنوات الأخيرة! أمّا هذه السنة فالأرقام تتجاوز المعقول!
بالنسبة الى جيلنا فإننا لا نصدّق، ولا عقلنا يتقبّل، أنّ نسبة النجاح في هذه الشهادة أو تلك تجاوزت الى 92% أحياناً. هل هذا معقول؟!. هل تحوّل التلامذة في لبنان الى عباقرة فاقوا معلّميهم في الخبرة والقدرة والإستيعاب؟!
كنّا ندرس نهاراً وليلاً. خصوصاً في الشهر الأخير الذي يسبق مواعيد الإمتحانات… وفي تقديري أنه لم يكن ينقصنا شيء من الإستعداد. ومع ذلك كانت النتائج (خصوصاً في الدورات الأولى) نادراً ما تتخطى عتبة الـ60 في المئة، في أحسن الحالات النادرة. أمّا في الدورات الثانية فكانت نسبة الناجحين لا تتجاوز الـ15 في المئة!
هل إن جيل اليوم أكثر من جيلنا ذكاء؟ ربما!
وهل هم أكثر منّا تفهماً وإستيعاباً؟ ربّـما!
وهل هم أكثر منّا جَلَداً وإنكباباً على الدروس؟ ربّـما!
وهل لديهم متسع من الوقت أكثر منّا (برغم «إنشغالهم» في «الضهرات»، وتعاملهم الطويل مع مواقع التواصل الإجتماعي. والنايت كلوب…) ربّـما أيضاً وأيضاً!
ومع ذلك فإنّ النسبة التي تتجاوز الـ 92% نجاحاً هي شيء يفوق العقل والمنطق!
وليأذن لنا معالي وزير التربية الأستاذ مروان حماده والقيّمون في هذه الوزارة على قطاع الإمتحانات أن نصارحهم بأننا غير مقتنعين بهذه النتائج ونخاف منها… وما يتواتر من حكايات حول ما يجري في بعض قاعات الإمتحان يمكن أن يشكل مادة لروايات تبلغ حدود الأساطير!
في أي حال نحن أمام زمن كثرت الشهادات وندرت الثقافة… ليس على مستوى التلامذة وحسب بل أيضاً على مستوى الطلاب خريجي الجامعات أيضاً.
وبحكم ظروف العمل فإننا، في المسؤولية الصحافية، من أكثر الذين يحتكون بالخريجين خصوصاً طالبي التدريب والوظيفة. ويؤسفنا القول إنّ بعض الشهادات ليس فقط لا يليق بمن حصل عليه، بل يشكل إدانة واضحة لحامله وكذلك لأطراف عديدة.
وفي هذا السياق يأتيك حملة الدكتوراة…التي باتت، في بعض المؤسسات التعليمية العليا، في متناول الكثيرين.
ونحن على ثقة بأنّ معالي الوزير مروان حماده، المشبع بثقافة شاملة، عميقة لا تفوته هذه الحقائق التي نوردها حرصاً منا على مستوى التعليم في لبنان (من الحضانة الى الإبتدائي فالمتوسط فالثانوي فالجامعي فالعالي) وعلى مستوى الثقافة في هذا الشعب مثلث اللغات… فالشهادات هي مكافأة لجهود وتعب ودأب ودراسة، وليست منحة تعطى من دون إستحقاق.
ونأمل أن تكون النتائج المرتفعة نسبة النجاح الى حدود قصوى جاءت مكافأة على الجهود والدأب والمثابرة، ونحن أوّل المرحّبين.
ولبنان يستحق أجيالاً متعلمة ومثقفة، وهو الذي كان سباقاً في هذا المضمار.