جاءت نتائج الاستشارات النيابية لمصلحة تأييد تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة بأكثرية 112 صوتا مقابل 14 لم يسموه وهؤلاء من فريق حزب الله الذين كانوا من بين من توقعهم المراقبون ضد التكليف من غير ان يعني ذلك ان التوزير الشيعي سيكون بمثابة عقدة جراء دخول رئيس مجلس النواب رئيس كتلة التنمية والتحرير على خط من ايدوا تكليف الحريري، اضف الى ذلك ان الامور لا تبدو معقدة سياسيا، حتى وان كان البعض ينتظر ان يتأخر تشكيل الحكومة لبعض الوقت (…)
ان مشهد التأييد الذي اكتمل امس بعد الاستشارات يؤكد ان الحكومة العتيدة ستبصر النور في اسرع وقت بعكس كل ما تردد ازاء تأخر التشكيل من ضمن الاعتبارات الداخلية التي ظهرت هشة وان كانت طبيعية من ضمن اللعبة الديوقراطية التي تعني تماما النظام البرلماني الديموقراطي في لبنان من غير حاجة الى كثير تفسير، باستثناء ما قد يطرأ على صعيد توزيع الحقائب الوزارية التي تعني للبعض غير ما تعنيه للبعض الاخر؟!
من هنا لا بد وان يفهم المكتوب السياسي من عنوانه لجهة الاستشارات التي اكدت صراحة ان لا غبار على تكليف الرئيس سعد الحريري الذي بدا مرتاحا الى هذه الخطوة بقدر من كان يتوقعها مع الحلفاء والاصدقاء على السواء، بالشكل الذي يوحي وكأن التأليف حاجة طبيعية في مجال اظهار السلطة متفاهمة ومتماسكة ومتناسقة بعكس ما حصل بالنسبة الى شكل ومضمون الحكومة المودعة التي يستحيل على اي كان الاشادة بدورها جراء ما عانت منه من خلافات وتباينات هددت وجودها على مدار الساعة، على رغم ما بذله الرئيس تمام سلام وما عاناه من مناكفات جراء عدم وجود رئيس للجمهورية يتكفل بضبط ايقاع مجلس الوزراء؟!
هذا الشيء مرشح لعدم التكرار لان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليس هاوي مناكفات، بقدر ما سيسعى الى منع اي تطرف وزاري قد يؤثر على انتاجية الحكومة وعملها ومسؤوليتها، بحسب اجماع المراقبين السياسيين المرشحين بدورهم لان يسوقوا للعهد بحجم ما سيقدمه من خدمات وما سيقوم به من اعمال تبدو ملحة من مثل قانون الانتخابات النيابية وملفات الفساد في الادارة الى ملفي الكهرباء والنفايات (…)
انها امور اساسية وملحة بالنسبة الى الرئيس عون وحكومة الرئيس الحريري بما في ذلك مراقبة ومحاسبة مجلس النواب الذي لن يقل قدرة على حمل المسؤولية في مثل هذا الزمان الصعب والمعقد، قياسا على كل ما مر على لبنان وما تعانيه المنطقة من ازمات وتوترات وحروب من المستحيل تجاهل سلبياتها على امورنا الداخلية منذ وقت بعيد، لذا فان الهم الاقليمي سيكون من ضمن الاهتمامات لجهة مراقبته بدقة متناهية كي لا يشكل اي انعكاس غير ايجابي على لبنان كما هو حاصل الان لجهة ملف النازحين السوريين الذين لا يزالون يتدفقون على لبنان الى حد اضاعة فرص تعافينا؟!
المؤكد في هذا المجال ضرورة التفاهم الشكلي والمعنوي مع حزب الله، بمعزل عن الدور العسكري الذي يقوم به في الحرب السورية، فضلا عن المؤشرات السلبية للدور الذي تلعبه ايران من خلال حزب الله، وهذا من مجمل المخاوف التي لن تقارب من جهة الحكومة تلافيا لمحاذير وانعكاسات ذلك على السياسات المحلية وعلى دور مؤسسات الدولة، وكي لا يقال لاحقا اننا في زمن »دولة الصفقات«؟!
النصيحة في هذا المجال تساوي جملا، خصوصا في حال دخول سياسيين على خط توتير الاجواء لسبب او لاخر، طالما ان الامور والقضايا المتعارف عليها تحتاج الى الكثير من الحنكة والتعقل، لاسيما في حال الاضطرار الى عدم توزير احد من حزب الله، من غير حاجة الى كثير حسابات يفهم منها ان الحجم النيابي غير مهيأ لان يعرقل مسيرة الحكم لعدة اعتبارات في مقدمها ان التماسك الداخلي الذي ظهر في الاستشارات النيابية قد يتأثر جراء عدم توزير البعض لمصلحة بعض اخر، وهذا من ضمن التوقعات التي لا بد من اخذها في الاعتبار؟!