انتهت انتخابات «الرابطة المارونية» الى مشهدين متناقضين حدّ الاختلاف: الأول تعكسه لائحة «التجذر والنهوض» الفائزة برئاسة أنطوان إقليموس والتي تقدم نفسها كتوافقية وتعتبر أن فوزها «انتصار للموارنة وللديمقراطية». والثاني يعكسه ما جرى مع العميد ابراهيم جبور الذي طرحه النائب سليمان فرنجية مرشحه الرسمي، طالبا ضمه الى اللائحة ولكن انتهت الامور الى سحب ترشحه صبيحة يوم الانتخاب «بعدما تبين بما لا يقبل الشك ان المطلوب عزل الوزير فرنجية واقصاؤه»، بحسب أوساط قريبة من تيار «المردة» التي تتحدث عن استياء عارم وتشكيك بأنه «كيف لرابطة تبدأ مشوارها بالكذب والتضليل، أن تتسلم ملفات الموارنة لاحقا والتحدث باسمهم بعدما فقدت المصداقية». في الكلام السياسي الصرف، يقول متابعون: انها الرسالة الاولى التي أوصلها العماد ميشال عون الى فرنجية. فمصالحة معراب أرخت بظلالها على كل ما رافق التحضير للمعركة الانتخابية وقالت للقطب الزغرتاوي: «كش ملك» من النادي النخبوي الماروني.
هل «انفخت الدف» كليا بين المرجعية الشمالية و «الرابطة المارونية»؟ أوساط اللائحة الفائزة تتحدث عن «تصميم جدي لمعالجة الأمور» من دون وجود أي تصور عن الزمان والمكان. وتصميم مجدد على «أنه لم يكن هناك من الأساس نية لعزل أحد».
أوساط المرشح الزغرتاوي تعتبر في المقابل «انهم نجحوا في عزل الوزير فرنجية كما أرادوا منذ البداية، حتى ولو كان كلام النقيب اقليموس يقول عكس ذلك». وتسرد معطيات رافقت تركيب اللائحة فتقول: «منذ شهر ونصف الشهر بدأت المفاوضات وتمنى الوزير فرنجية شخصيا على المعنيين بتركيب اللائحة، من النائب نعمة الله ابي نصر واقليموس والبقية، بأن يكون ممثلا بترشح العميد جبور وليس بسواه ومن خلال العضوية وليس بالضرورة نيابة الرئيس. لكنهم بدأوا يراوغون الى ان بدأوا يتحججون بأن الصورة الكاملة للأعضاء اتخذت وعممت ولم يعد بالامكان التغيير. لم تنفع وساطة رئيس الرابطة ولا رؤساء الرابطة السابقين ولا حتى تمني البطريرك بشارة الراعي الذي يملك سلطة روحية على الرابطة. قوبل موفدو الوزير فرنجية بالتسويف وصولا في النهاية الى اقصاء الترشح».
تكشف الأوساط عن «لجوء مفبركي اللائحة الى الاتصال بموارنة الخارج واقناعهم بالحضور للتصويت على قاعدة ان المسألة سياسية صرفة، فضلا عن التشويش في الاعلام والقول ان اللائحة توافقية وهذا غير صحيح». يعتبر هؤلاء ان «الرابطة المارونية لم تعر اهتماما لمرجعية آل فرنجية التي ليس من داع للتذكير بحجمها فالمسألة ليست عددية بل دور وتاريخ». ويتابعون: «مبروكة عليكن» الرابطة ولكن أوقفوا التضليل. هذا الجو المسموم رافق العملية الانتخابية منذ البداية وحتى ربع الساعة الاخير، حتى ان الوساطات استمرت ايضا حتى آخر لحظة ولكنهم كانوا يرفضون واليوم يبررون ويدعون الوفاق». وبينما توقع البعض ان يصدر عن زعيم زغرتا بيان يتضمن الموقف الرسمي للوزير فرنجية مما حصل في الرابطة، يستبعد آخرون هذا الأمر على قاعدة أن أي بيان من شأنه أن «يزيد الشرخ الذي تشوهت به الرابطة في هذه الانتخابات».
لا بد من ادراج بعض الملاحظات على مسار العملية الانتخابية التي جرت السبت الماضي. 80% نسبة الاقبال وتعد مؤشرا لافتا ويسجل ربما للمرة الاولى في تاريخ انتخابات الرابطة، خصوصا ان المعركة كانت قائمة على لائحة مكتملة مقابل مرشحين منفردين. كان لافتا للانتباه ايضا «السكور» العالي الذي حققه المرشح المنفرد على مقعد نيابة الرئيس غسان خوري (287) مقابل مرشح اللائحة الفائزة توفيق معوض (441). خوري قدم ترشحه على أساس «رفضه ان يكون نائب الرئيس حزبيا بما يناقض مواثيق الرابطة». الناخبون يبدو انهم تعاطفوا مع هذا الموضوع خصوصا انه كان يجسد ما اصطلح على تسميته «عقدة زغرتا»، ولكن التفاهم الذي أخرج اللائحة الى النور كان أقوى.
أحد أعضاء الرابطة القدماء يقرأ في النتائج بأنها «مؤشر على حالة الاسترخاء التي تضرب القوى المارونية في البلد لأن الحالة الحزبية داخل الرابطة لا تتجاوز 10%». لكنه ينظر بايجابية الى اقبال 767 ناخبا في مؤشر الى ان موضوع زغرتا لم يمنع الاقبال، خصوصا بعد انتشار خبر فوز إقليموس بالتزكية عشية يوم الانتخاب فما كان من اللائحة الا شد العصب من جديد من أجل انقاذ كل طاقم السفينة. من دون إغفال الحضور الأنثوي البارز اذ تصدرت الفائزين كارلا شهاب (675) وتلتها كريستينا الملاح (639) بالاضافة الى حضور اعلامي مميز للزميلة ندى اندراوس (599) والاعلامي والاكاديمي والشاعر سهيل مطر (633). كما فاز كل من عليا بارتي زين (605) وليد خوري (630) انطوان واكيم (638) شربل اسطفان (616) انطوان خوري (604) عبده جرجس (598) جوزف نعمه (598) جورج الحاج (594) انطوان قسطنطين (582) جوزف كريكر (580) ومارون سرحال (569).