Site icon IMLebanon

متقاعدو «الخاصّ» بلا رواتب ولا حماية

 

 

لم تكد ليلى (أستاذة متقاعدة من التعليم الخاص) تطمئن إلى راتبها التقاعدي «بعد نحو عام من الأخذ والرد، وضياع المعاملة والتعامل الفوقي في صندوق التعويضات»، حتى اصطدمت قبل أربعة أشهر بحجز الراتب مرة أخرى، وهذه المرة من المصرف الذي وطّنت فيه راتبها. إدارة المصرف تذرّعت بأنها غير قادرة على الدفع «كاش» لعدم تحويل السيولة النقدية من مصرف لبنان، فيما كانت ليلى قد بدأت بقبض الراتب الذي لا يتجاوز مليونَي ليرة، مع جزء من المدّخرات التي تجمّعت خلال عام كامل تأخر فيه تسديد راتبها التقاعدي، وقد وضع المصرف لها سقفاً شهرياً لا يتخطى 6 ملايين ليرة. «ومنذ رأس السنة، طار الراتب وطارت معه المدّخرات ولم أعد أقبض شيئاً»، كما قالت ليلى بتحسّر، مشيرة إلى أننا «في الأشهر الأولى للأزمة تقاضينا مستحقاتنا على شكل بطاقة مشتريات من السوبرماركت، وبعد ذلك، جرى توقيف هذه البطاقة».

 

بالمناسبة، لا يتضمن الراتب التقاعدي الذي قبضته الأستاذة المتقاعدة الدرجات الست الاستثنائية التي وافق على إعطائها، أخيراً، صندوق التعويضات، أي بعد نحو سنة ونصف سنة من تقاعد ليلى. وفي حين فشلت كل محاولاتها لنقل توطين الراتب إلى مصرف آخر، قالت إنها لم تلقَ آذاناً صاغية في نقابة المعلمين، ولا تعرف من هي المرجعية المسؤولة عن حماية حقوقها، هل هي النقابة أم إدارة المدرسة التي كانت تدرس فيها أم وزارة التربية أم صندوق التعويضات أم صندوق التقاعد؟

حال ليلى كحال مئات الأساتذة المتقاعدين من المدارس الخاصة الذين أوقفت المصارف رواتبهم فجأة، بحجة أن صندوق التقاعد (الصندوق الذي يدفع المعاشات التقاعدية للأساتذة الذين اختاروا تقاضي معاش تقاعدي وليس تعويض صرف من الخدمة) لا يحوّل معاشاتهم «كاش» وأن مصرف لبنان لا يمدّهم بالسيولة اللازمة. ومن هذه المصارف على وجه التحديد، الاعتماد المصرفي و SGBL وبنك لبنان والمهجر. علماً أن الأخير أبلغ مودعيه المتقاعدين بأنه سيدفع رواتبهم ابتداءً من نهاية هذا الشهر.

 

مصادر صندوق التقاعد أوضحت أن الرواتب التقاعدية موزّعة على 20 مصرفاً، والصندوق ليست لديه مبالغ كاش، إنما يأخذ إيراداته من صندوق التعويضات على شكل حوالات توضع مباشرة في حسابه الكبير في بنك عودة ومن ثم تحول إلى المصارف التي يوطن فيها الأساتذة المتقاعدون رواتبهم. معدل راتب المتقاعد يبلغ بين مليون ونصف مليون ومليونَي ليرة ومعظم الأساتذة المعنيين بهذا الملف يعيشون في الأطراف في البقاع أو عكار، وليس معقولاً، كما قالت المصادر، أن يُعطوا بطاقات مشتريات ويُطلب منهم استخدامها عند اللحام أو بائع الخُضَر، وقد شرح الصندوق ذلك مراراً للمصارف بلا جدوى، كما أرسل كتاباً رسمياً إلى مصرف لبنان يطلب منه تحويل السيولة إلى المصارف بلا أي تجاوب حتى الآن. المصادر لفتت إلى أن نحو 10% من المتقاعدين (4000 أستاذ) أي هناك نحو 400 أستاذ يواجهون هذه المشكلة، ورواتبهم لا تتجاوز 300 مليون ليرة في كل مصرف، وهي مبالغ بسيطة نسبياً ولا تحتاج إلى كل هذا العناء. رئيس نقابة المعلمين، رودولف عبود، قال لـ «الأخبار» إن النقابة تحركت باتجاه الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية ووزارتَي التربية والعمل، وكانت بصدد عقد مؤتمر صحافي لإعلان التوقف عن الدروس، احتجاجاً على تأثير أزمة السيولة النقدية على رواتب الأساتذة والموظفين في المدارس، إلا أن التحرك أُرجئ، بعدما تولّى المطارنة التدخل وإجراء اتصالات مع المعنيين لمنع تفاقم الأزمة. ولفت عبود إلى أن هناك مشكلة تواجهها المدارس وهي تسديد الأهل للأقساط بواسطة شيكات، ما يؤدي إلى فقدان السيولة.

هكذا، يُترك مئات الأساتذة المتقاعدين لمصيرهم، ومشكلتهم أنهم ليسوا في الخدمة وأنهم غير قادرين على تنفيذ خطوات تصعيدية ضاغطة لنيل حقوقهم، وهم يحاولون في ما بينهم كي يستطيعوا رفع دعاوى قضائية أو ما شابه.