IMLebanon

عودة الوعي

إذا صحت المعلومات التي تحدثت عن توجه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لدعوة المعارضة الى اجتماع يعقد برئاسته في قصر بعبدا على غرار الاجتماع الذي عقده برئاسته لرؤساء الاحزاب والقوى الممثلة بالحكومة اي للموالين يكون بذلك قد خطا خطوة متقدمة على صعيد اعادة الاعتبار والعمل بالنظام الديمقراطي- البرلماني السليم والذي يتشكل من اكثرية تحكم واقلية تعارض أي من موالاة تتولى الحكم بكل السياسة ومسؤولياته ومعارضة تراقب وتحاسب وترحب في حال وجدت ان السلطة الحاكمة قد سارت على الخط الصحيح ولم ترتكب اخطاء تحاسب عليها في مجلس النواب وامام الرأي العام اللبناني.

المعلومات عن هذا التوجه الرئاسي تبدو صحيحة لانها مستقاة اولاً من القصر الجمهوري ومن المحيطين القريبين من رئيس الجمهورية، وهذه الخطوة الاستثنائية في النظام الذي يمارس في لبنان منذ عشرات السنين والقائم على التوافق أي على إلغاء او تجاوز النظام الديمقراطي القائم على الموالاة وعلى المعارضة، ليست بغريبة على الرئيس عون، فهو الذي اعتاد على ممارستها منذ كان رئيساً للحكومة من خلال لقاءاته مع الجماعات اللبنانية وطرحه المشاكل والحلول عليها والأخذ بتوجهاتها ثم انه اكتشف بعد اجتماعه بالأكثرية الموالية أنه لا بد من احترام المعارضة الموجودة على الساحة الوطنية والتي لا يجوز في اي حال من الاحوال تجاهلها بعدم التعاطي معها واخذرأيها في كل الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والعمل على الاستفادة من ملاحظاتها والعمل فوراً على تصحيح الاخطاء التي ترتكبها السلطة الحاكمة في حال وجودها، وبذلك يكون الرئيس عون اول رئيس مر على الجمهورية يطبق الديمقراطية الصحيحة والسليمة في الممارسة وليس في الكلام فقط وبذلك يكون قد اعاد الاعتبار للنظام الديمقراطي الصحيح والغى هذه البدعة التي اسمها التوافقية والتي عادت بالويل على النظام الديمقراطي وحولت هذا النظام الى مجلس ملي ديكتاتوري في ممارساته وفي كل قراراته.

ولبنان عايش هذا النظام مدة طويلة ووصل الى ادنى مرتبة في دول العالم بعدما تحولت الدولة الى سوق عكاظ لا اكثر ولا اقل حيث عمّ الفساد كل مرافق الدولة من القاعدة الى الرأس ولم يبق من الدولة الفعلية الا اسمها حتى ان هذا الاسم اصبح عند الرأي العام أشبه ما يكون بفضيحة الفضائح التي لا مثيل لها في كل أرجاء الكرة الارضية.

نعود ونكون اذا ما كان هذا التوجه من قبل رئيس الجمهورية لدعوة المعارضة الى الاجتماع في قصر بعبدا والتشاور معها في السبل التي تؤول الى تحصين النظام الديمقراطي – البرلماني والعودة الى ممارسته بالشكل المناسب، جدي وصحيح يكون قد اعاد ثقة الشعب اللبناني برئيسه لانه ثبت مقولة انه «أب الجميع» الذي لا يفرق بين الموالاة والمعارضة من جهة، ويخضع هو وحكومته للمحاسبة بعد المراقبة ويكون قد وضع القطار على السكة الصحيحة بعدما كاد اللبنانيون بأكثريتهم الساحقة ينسون انه النظام في لبنان يقوم في الأساس على مبدأ المراقبة والمحاسبة والمساءلة من قبل اقلية تعارض وأكثرية تتولى السلطة وتحكم باسم الشعب مصدر كل السلطات.

إن لبنان يعاني من الاختلال الكبير الحاصل في الممارسة الديمقراطية الصحيحة ولا بد من العودة اليها لكي يبقى هذا البلد، بلد الاشعاع والنور والبلد النموذجي في محيطه الواسع القائم على حكم الفرد الواحد وعلى الديكتاتوريات التي لا تقيم اي اعتبار للشعب من منطلق كونه مصدر كل السلطات.