قبل ايام قصد الرئيس سعد الحريري عين التينة وتشاور مع الرئيس نبيه بري في ما آل اليه الوضع الحكومي بعد حادثة قبرشمون. وبعد عرض تفاصيل ما جرى خلال المبادرات العديدة التي طرحت لحل هذه القضية، بدا رئيس الحكومة متهيباً وغير متحمس للجوء الى التصويت على احالتها الى المجلس العدلي داخل مجلس الوزراء، مفضلا التوافق قبل دعوة الحكومة للاجتماع.
ووفقا لمرجع بارز، فان موقف الحريري في محلّه لان التصويت حول هذه القضية سيحدث حتما انقساما داخل مجلس الوزراء، وان تداعياته ربما ادت الى تشظي الحكومة وبذلك نكون قد فاقمنا المشكل ولم نحلّه.
لذلك، فقد افضى لقاء عين التينة الى الاتفاق على متابعة الجهود والمساعي لاستنباط صيغة حل لا تحرج الطرفين جنبلاط وارسلان، وتجنب مجلس الوزراء تجرّع سمّ التصويت على هذه القضية.
وحسب المعلومات، فان ابرز الصيغ التي طرحت مؤخراً هي فصل اجتماع مجلس الوزراء عن قضية قبرشمون او على الاقل الاتفاق على طرحها في الجلسة المقبلة دون اللجوء الى التصويت او قسم الموضوع بانتظار استكمال الخطوات القضائية وعمل المحكمة العسكرية.
ولاحقا طرح اللواء عباس ابراهيم صيغة تقضي بدعوة الوزيرين اكرم شهيب وصالح الغريب الى جلسة مجلس الوزراء بقصد تسهيل انعقادها وازالة اسباب التشنج عنها. لكن الاقتراح المذكور رفض من الطرفين عدا عن كونه غير دستوري او يتعارض مع الدستور بشأن الدعوة لانعقاد الحكومة.
وعلى الرغم من عدم حصول تقدم يذكر نتيجة هذه المبادرات فان اللقاءات والاتصالات نشطت في الثماني والاربعين ساعة وشارك فيها الرؤساء الثلاثة واللواء ابراهيم.
وسمع النواب من الرئيس بري كلاما في «لقاء الاربعاء» نهارا بان الامور على حالها وما زلنا في مرحلة ابجد، ولقد حصلت محاولات عديدة ولم تصل الى اي مكان.
واشار الى ان المحكمة العسكرية حققت تقدما ملحوظاً في شأن قضية قبرشمون، وهي قد تصل الى الاحكام قبل ان يحصل التفاهم حولها بين الاطراف المعنية.
وجاء كلام الرئيس بري قبيل ادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية على 21 شخصاً في حادثة قبرشمون.
واشار بري الى ان اية مبادرة بشأن هذه القضية تحتاج الى موافقة الطرفين واي مبادرة لا تحظى بهذه الموافقة لا تصل الى اي مكان.
وجدد بري الحاجة الى انعقاد مجلس الوزراء اليوم قبل الغد مشيرا الى ان المؤسسات المالية الدولية التي رحبت باقرار الموازنة تسأل رئيس الحكومة. وقال ان اربعين بالمئة من العجز سببه وضعنا السياسي حسب رأي هذه المؤسسات.
ويقول احد النواب البارزين المتابعين للشأن الاقتصادي اننا نحارب انفسنا ونعمل ضد مصلحتنا، اذ انه بعد اقرار الموازنة من الطبيعي بل من الضروري ان تنشط الحكومة وتعقد جلسات متتالية ليس بشأن مؤتمر سيدر فحسب بل ايضا من اجل المباشرة بدرس الموازنة للعام 2020، لتوجيه رسالة الى الخارج بان لبنان جاد في السير بالاصلاحات المالية والادارية ومحاربة الفساد والهدر.
ويشير الى انه في 24 آب الجاري هو موعد آخر لتصنيف لبنان ماليا واقتصاديا، وهذا يحتاج من الحكومة الى العمل على بذل مزيد من الجهد لتحسين وضع لبنان واعطاء انطباع جيد للهيئات الدولية المعنية، لكن ما يحصل هو عكس ذلك.وفي كل الاحوال فان الاتصالات والمحاولات لانعقاد مجلس الوزراء لم تنقطع، وهناك شعور لدى البعض بان فترة تعطيل الحكومة طالت وحان الوقت لاخذ قرار مشترك باستئناف جلسات مجلس الوزراء وفق صيغة ترضي جميع الاطراف.
وفي خصوص الاجواء التي خلفها الخلاف حول المادة 80 من الموازنة وما تضمنته بشأن حق الناجحين في مجلس الخدمة المدنية، فان الرسالة التي وجهها الرئيس عون الى المجلس امس طالبا تفسير المادة 95 من الدستور شكلت مادة اضافية لتلبيد الاجواء وخلق مناخ من السجال والتجاذب الذي يأخذ طابعاً طائفياً.
وقبل ان يقرأ الرئيس بري رسالة رئيس الجمهورية تحدث امام النواب امس عن الاجواء الطائفية والمذهبية التي سادت وتسود مع الحديث او اثارة المادة 80 من الموازنة، وقال «للأسف ان ما يحصل مع الحديث عن هذه المادة هو تصاعد الروائح الطائفية والمذهبية، وهذا منطق يجب الاّ يمر. كل شيء مسموح به الا المس بوحدة البلد ووحدة ابنائه، وهذه مسؤولية الجميع دون استثناء فكيف بمجلس النواب ورئيس المجلس الحريص على وحدة هذا البلد».
وخلال «لقاء الاربعاء» تلقى الرئيس بري اتصالا من الامين العام للمجلس عدنان ضاهر ابلغه بوصول رسالة الرئيس عون الموجهة الى المجلس بواسطة رئيس المجلس طالبا تفسير المادة 95، لا سيما الفقرة ب منها تحت عنوان «وفي المرحلة الانتقالية» حيث «تلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والامنية والمؤسسات العامة والمختلطة وفقا لمقتضيات الوفاق الوطني…» معطوفة على الفقرة «ي» من مقدمة الدستور التي تنص على ان «لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك».
وتنص المادة 145 من النظام الداخلي انه اذا كانت اللرسالة موجهة بواسطة رئيس المجلس «فعليه ان يدعو المجلس للانعقاد خلال ثلاثة ايام لمناقشة مضمون الرسالة، واتخاذ الموقف او الاجراء او القرار المناسب».
وحسب مراجع مطلعة فان توجيه الرسالة بشأن هذه المادة الى المجلس في الوقت الراهن سيزيد السجال والارباك السياسي خصوصاً ان هناك خلافاً سيحصل حول تفسيرها، وربما اخذ طابعا طائفيا. لذلك فان اتصالات ومشاورات ستجري في الساعات المقبلة لتوفير مناخ ملائم لجلسة مجلس النواب المرتقبة.
} لقاء الاربعاء النيابي }
هذا وكان بري أكد خلال لقاء الأربعاء النيابي، أن «المجلس النيابي سيبقى الحصن المنيع ضد أي انقسام، فكل شيء في هذا البلد يمكن أن نتحمله إلا المساس بوحدته وبوحدة أبنائه».
واعتبر وفق ما نقل عنه النواب أن «مقاومة الطائفية والمذهبية لا تكون باستخدام الطائفية والمذهبية بل باستخدام التسامح والحوار والفهم المشترك والمتبادل»، مستغربا مرة جديدة «عدم انعقاد مجلس الوزراء على رغم من الإيجابيات التي تعاطى بها المجتمع الدولي والمالي والذي ينظر بإيجابية الى لبنان، خصوصا بعد إقرار الموازنة وتوقيعها من رئيس الجمهورية». ولفت الى «أن 40 في المئة من التأزم الاقتصادي الحاصل في البلد مرده الى الخلافات السياسية».
وعن المبادرات لحلحلة الوضع الحكومي، نقل النواب عن بري إشارته الى أن «هناك مبادرات كثيرة وللرئيس بري مباردته، إلا أن كل المبادرات محكومة بتوافق الأطراف المعنية، وإذا لم يحصل هذا التوافق بين الأطراف فمن الطبيعي أن تسقط كل المبادرات».
وأكد النواب نقلا عن رئيس المجلس قوله «اننا أحوج ما نكون الى مواكبة المجلس النيابي لموضوع الموازنة من أجل البناء على بقية الملفات التي تجيب عن الأسئلة الطبيعية التي تشغل البلاد والعباد».
أما في موضوع النفط والغاز فلا جديد يضاف الى ما قاله رئيس المجلس الاسبوع الماضي عن حسم خمسة بنود من اصل ستة، وهناك بند آخر وضع بري صياغة له، وهو ما زال مصرا على هذه الصياغة، آملا حسم هذا الموضوع في القريب العاجل.