Site icon IMLebanon

النفاق الأُممي والدولي

 

 

ثلاث هيئات أُممية (المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، برنامج الأغذية العالمي، ومنظمّة الأُمم المتحدة للطفولة «اليونيسف») التقت، أول من أمس، على كلام مُشترك أعربت فيه عن قلقها البالغ إزاء ما أسمته التدهور السريع في الظروف المعيشية للاجئين (يُقصد النازحون) السوريين في لبنان. وأعربت عن اقتناعها بأن جميع هؤلاء اللاجئين السوريين باتوا تقريباً عاجزين عن توفير الحد الأدنى من الإنفاق اللازم لضمان البقاء على قيد الحياة، مُلخّصةً الوضع بأنه «بائسٌ يُرثى له»…

 

وأنا أقرأ هذه العبارات، شعرت بأنني إزاء دموع التماسيح، فهذه التنظيمات والهيئات الأُممية والدولية الثلاث تتحدّث عن النازحين السوريين وكأن اللبنانيين أنفسهم هم على أفضل.

 

فماذا عن وضع اللبنانيين؟ وهل تُقدّر وتُدرك الهيئات الدولية والأُممية ثِقل ما يتحمّله هذا الوطن المعذّب جرّاء هذا النزوح الضخم الذي يفوق طاقته وقدرته على الاحتمال؟

 

الحكومة الجديدة ذاتها أتت في بيانها الوزاري على ذكر هذه المسألة التي شكّلت، منذ البداية، في العام 2011 حتى اليوم، قضيةً خلافيةً أُخرى كانت سبباً لانقسامٍ حاد بين اللبنانيين، مثل انقسامهم على كلّ شيء.

 

اليوم، لم يعد الوضع على هذه الحدة، فالجميع باتوا مُجمعين على ضرورة تسريع عودة النازحين… كما أجمعوا على عدم توطين اللاجئين الفلسطينيين… ويوم أُصدِرت تلك المواقف من المنظمات الثلاث، كان غبطة البطريرك الماروني بشارة الراعي يطرح هذا الموضوع، في عداد ما تناوله من قضايا، في المجلس الاقتصادي، حيث حلّ ضيفاً على رئيسه وأركانه، في حضور فاعليات اقتصادية وعُمّالية ومالية وطبية…

 

لا شكّ في أن عبء النزوح كان كبيراً في الأساس، ولكنّه بات، اليوم، أكثر من كبير. ولبنان عاجزٌ عن المضيّ في تحمّله. فالكاهل اللبناني مُثقلٌ، أصلاً، بأحمالٍ هائلة الضخامة… وبالتالي، لم يعد وارداً أن يقدر على التقدّم خطوةً واحدة بهذه الأثقال.

 

ولا يجهل أحدٌ أن ثمّة قراراً دولياً بتثبيت النازحين واللاجئين في أماكن نزوحهم ولجوئهم، وقد ذهب بعض المسؤولين الأُمميين والدوليين إلى حد المجاهرة بهذه الفكرة.

 

وليؤذن لنا أن نذكر أننا، على صعيد شخصي، كنا قد تطوّعنا، لعملٍ جاد إسهاماً بنشاط إحدى الهيئات الإقليمية التابعة لمنظمةٍ أُممية بارزة، طبعاً لوجه الله ومن دون أي مقابل… وسرعان ما تبيّن لنا أن قضيّة التوطين والدمج هي جديّةٌ جداً… فانسحبنا.

 

وإذا كانت المنظمات تلك حريصةً على النازحين، فلتعمل على إعادتهم لبلدانهم وتقدّم لهم هناك الدعم الذي تمدّهم به هنا، على أن تكون العودة كريمةً وآمنةً ومضمونة.