IMLebanon

لماذا توقف العدوان “الإسرائيلي” في هذا التوقيت ؟ حزب الله اهتز ولم يقع… هل انتهت الحرب “بالتعادل”؟ 

 

لهذه الأسباب يشعر “الإسرائيليّون” بالهزيمة

 

وحدهم “الاسرائيليون” ومعهم “اعداء” المقاومة في الداخل، صدموا من عودة الجنوبيين الى قراهم بعد سريان وقف النار بدقيقة واحدة، وقد عبرت القناة الـ14 عن دهشتها بالقول “انهم لا يصغون الى تحذيرات المتحدث باسم الجيش “الاسرائيلي”! كيف ذلك”؟ انه السؤال الكبير الذي سيبقى المحتلون عاجزين عن الحصول على اجابته، هؤلاء ابناء هذه الارض التي دفعوا اغلى ما عندهم لاجلها، وسيدفعون مجددا اذا دعت الحاجة.

 

والاهم انهم اجابوا بالامس على السؤال المركزي الذي سيكون محل نقاش صاخب داخليا حول الانتصار المحقق ومعانيه، حيث ستعود “الجوقة” نفسها التي لم يعد يخجل بعض اعضائها من التعبير عن رغبته بالسلام مع كيان الاحتلال، سيعودون الى التهوين من الاعجاز المحقق بسواعد مقاومين ثبتوا، فاجبروا العدو على التفاوض، ثم التواضع بالمطالب، الى ان ابصر الاتفاق النور.

 

لكن كل الكلام لا معنى له ومعايير الانتصار ستبقى مجرد وجهات نظر لا يعتد بها ولم يعد لها مكان في “الاعراب”، لان حزب الله لم يُسحق، وبيئته لا تزال واقفة على قدميها، على الرغم من كل ما تعرضت له، وهذان الامران كفيلين بان يبقيا الحزب في موقع متقدم داخليا، ولا يمكن لاحد تجاوزه، وهو اليوم سيكون اولا امام مسؤولية اعادة الاعمار، وسيكون مضطرا لاجراء مراجعة داخلية عميقة لتبيان الاسباب التي ادت الى كارثة الايام العشر الاولى، وكذلك مراجعة السياسات الداخلية ربطا بالمواقف التي كشفت النوايا السيئة للكثيرين ممن اهدروا دم شبابه وراهنوا على سقوط بيئته.

 

وفي هذا السياق، تؤكد اوساط مطلعة الى ان تتضح معالم المرحلة المقبلة، التي وضع رئيس مجلس النواب نبيه بري خطوطها العريضة بالامس، وبانتظار الموقف الرسمي لحزب الله، وبعيدا عن الغرق في اتون الاحقاد الداخلية للبعض، يبدو ملحا بعد ساعات على وقف النار الاقرار بان حزب الله خسر كثيرا ودفع ثمنا باهظا، لكنه اهتز ولم يقع، و”اسرائيل” لم تنتصر. هي معادلة معقدة تحتاج الى الوقت كي تتبلور معالمها، لكنها تشبه إلى حد بعيد نهاية حرب تموز عام 2006، والتي انتهت بقرار 1701، وهو أساس الاتفاق الجديد اليوم. اذا ماذا حقق حزب الله؟

 

اذا كان هدف الحرب الاجهاز على حزب الله، فانه بموجب الاتفاق، تنسحب “إسرائيل” تدريجيًا من جنوب لبنان، ويغادر الحزب إلى شمال الليطاني، حيث يحل الجيش اللبناني تدريجيًا مكانه خلال 60 يومًا. ولم يتضمن الاتفاق الشرط “الإسرائيلي” بالاحتفاظ بحق التدخل العسكري “دفاعًا عن النفس”، كما بقي جنوب لبنان دون منطقة أمنية عازلة، فقد فشل “الاسرائيليون” بفرضها بعدما اخفقوا في الغزو البري، والاهم ان المقاومة تحتفظ بسلاحها في شمال الليطاني.

 

ووفقا لتلك الاوساط، لا يمكن الا الاقرار بأن لبنان تعرّض لتدمير واسع، واضطر حزب الله لفك الارتباط عن غزة، وتعرّض لضربات أشدّ مما تعرّض له في حرب 2006، إلا أن “إسرائيل” لم تنجح في حسم المواجهة، وتكبّدت بدورها خسائر مادية ومعنوية أثّرت على مكانتها وهيبتها، ولم تستطع ان تستعيد قوة الردع.

 

اما لماذا توقفت الحرب الآن؟ ببساطة شديدة لان جيش العدو بات منهكا نتيجة حرب طويلة على عدة جبهات بأعباء ثقيلة، والاهم انه استنفد أهدافه في لبنان. وبات في الأسابيع الأخيرة، يستهدف الابنية السكنية، بينما يدفع جنوده اثمانا باهظة على جبهة القتال البرية، حيث لم يمر يوم دون أن تدمر “ميركافا” أو يقتل ويصاب جنود “إسرائيليون”، فيما تستمر صواريخ ومسيرات المقاومة في قصف العمق “الاسرائيلي”، بينما يتواصل النزيف الاقتصادي والديبلوماسي، وباتت المعادلة ان حزب الله يعيد تنظيم نفسه ويستعيد عافيته، بعد الضربات الموجعة والمفاجآت القوية التي تعرّض لها، بينما تهبط “إسرائيل” وتفقد مكاسبها.

 

وفي هذا السياق، تؤكد اوساط ديبلوماسية، ان ما اسمته نتيجة “التعادل” بين “إسرائيل” وحزب الله تفسّر الإحساس بتفويت الفرصة، في “إسرائيل” حيال هذا الاتفاق الذي يُبقي اللبنانيين على بعد متر واحد من مستوطنات الجليل، ويجعل حزب الله قادرًا على بناء نفسه من جديد، وربما في نقاط التماس نفسها، ما يسبّب فقدان الشعور بالأمن.

 

هذه الخلاصة، عكستها مواقف “اسرائيلية” تحدثت عن المرارة ازاء وقف النار. رئيس السلطة المحلية في المطلة، شكك كبقية رؤساء المستوطنات في الشمال بالنتائج المحققة في هذه الحرب، وقال “إن الاتفاق ربما يوفر الهدوء، لكنه لا يضمن الأمن، ولا ينزع الخوف من نفوس الإسرائيليين”، الذين يرفضون العودة إلى منازلهم رغم الاتفاق، الذي يرونه يعيدهم إلى نقطة البداية دون تغيير يُذكر، تمامًا كما كان الحال غداة حرب لبنان الثانية.

 

ووفق استطلاع أجرته القناة 13 “الاسرائيلية”، قال 60% من “الإسرائيليين” إن الحرب لم تحسم، فيما أظهرت نتائج استطلاع آخر للقناة 12 العبرية أن 50% يشاركون الرأي نفسه. وعند الإجابة عن السؤال المركزي “كيف انتهت الحرب حسب رأيك”؟ أظهرت الاستطلاعات أن 20% فقط من “الإسرائيليين” يرون أن “إسرائيل” انتصرت في الحرب.

 

اما المعضلة الحقيقية لـ “اسرائيل” فقد اختصرتها صحيفة “يديعوت احرنوت” بالقول”ماذا سيحصل إذا أراد أحد سكان لبنان العودة لبناء بيته؟ ولنفترض أنه جاء بملابس مدنية، فمن يضمن لنا ألا يكون شيعياً ينتمي لحزب الله، بل وربما مقاتلاً أيضاً؟ جنوب لبنان بات مملكة شيعية. لا توجد عائلة شيعية إلا وتنتمي لحزب الله..فما العمل مع ذاك المواطن؟ أمسموح تعريفه بأنه تهديد فوري”؟ واضافت “من ينتصر بشكل واضح لا يصل إلى مثل هذه الوضعية، بل يملي قواعد وقف النار، ويواصل الضرب إذا لم يقبل بها الطرف الآخر، وإلا فهذا ليس نصراً، وبالتأكيد ليس نصراً مطلقاً”.

 

ما تقدم عينة بسيطة لن تقنع من يكن العداء للمقاومة، لكنها حقيقة ثابتة انتجت وقائع ملموسة، وقد اختصر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش العدو سابقاً تمير هايمن بأن الجيش “الإسرائيلي” لم يحقّق أياً من أهدافه في لبنان، مشيراً إلى “أن هدف إعادة المستوطنين بسرعة وأمان إلى الشمال لم يتحقّق”. وأكد أن مقاتلي حزب الله “جسّدوا بالقتال الجريء ضدّ الجيش “الإسرائيلي” مقولة أنه بالميدان وحده تفرض المعادلات”. فهل من داع بعد للنقاش “البيزنطي”؟!