عودة الحرارة إلى قنوات التواصل لطرد الشياطين من تفاصيل التأليف
القمّة الإقتصادية مشكلة بذاتها.. وانعقادها معلّق على حبل الخلاف حول حضور سوريا
لم تحل عطلة الأعياد دون بقاء قنوات التواصل مفتوحة بين أهل القرار، للتشاور حول آلية ما تساعدهم على طرد الشياطين من تفاصيل تأليف الحكومة بعد ان أصبح هذا الاستحقاق ضاغطاً بقوة على كل مفاصل الحياة السياسية والمعيشية والاقتصادية، ناهيك عن التحديات الإقليمية والدولية.
وبالرغم من عدم خروج أي مؤشر علني يدل على التفاهم النهائي على مثل هذه الآلية، فإن ما رُصد خلف الكواليس يوحي بأن هناك رغبة قوية من كل الأطراف بوجوب إخراج التوليفة الحكومية من عنق الزجاجة، والحد من الخسائر التي لحقت بلبنان جرّاء الصراع الدائر على الحصص، وانعدام الثقة بين بعض القوى السياسية والذي يترجم بين الفينة والفينة اشتباكات «تويترية» واتهامات متبادلة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي تقدير مصادر سياسية متابعة ان العمل على تأليف الحكومة يأخذ في هذه الآونة الجدية المطلوبة أكثر من أي وقت مضى، وان الجميع بات على قناعة تامة بأن بقاء المتاريس المرفوعة لن يأتي بالخير على البلد، لا بل ان الاستمرار في اتباع سياسة العناد والنكد لن يوصلنا إلى تأليف الحكومة بل على العكس يؤمن المناخات الملائمة لكي يستوطن الفراغ الحكومي الساحة السياسية، وبالتالي الدفع بالبلد باتجاه الانزلاق إلى مزيد من التدهور الاقتصادي الذي ينعكس بدوره سلباً على الوضع المالي والنقدي وهو ما حذر منه وزير المالية علي حسن خليل في بحر الأسبوع الفائت.
وتوضح المصادر بأن المقاربة الجديدة لعملية التأليف والتي تجري بعيداً عن الأنظار تنطلق من إعادة النظر في توزيعات بعض الحقائب للانطلاق من هذه النقطة في معالجة العقدة الأساس المتمثلة بتمثيل النواب السنة المستقلين حيث تمّ التداول بأكثر من مقترح لهذه الغاية، وان اللواء عباس إبراهيم يقوم بجهد فوق العادة خلف الكواليس لابتداع صيغة يكون مرحب بها من كل الاطراف المعنية، وهو بحسب ما ينقل عنه لم يفقد الأمل وانه ما زال مصراً على القيام بأي دور من شأنه انتشال عملية التأليف من قعر البئر الراقدة فيه منذ 224 يوماً بالتمام والكمال.
وتتوقع المصادر ان تتكثف حركة الاتصالات بدءاً من اليوم على كافة المحاور كون ان الوقت بدأ يشد الخناق على الجميع، وقد برزت في الساعات الماضية رغبة جامحة بتأمين ولادة الحكومة قبل موعد انعقاد القمة الاقتصادية في لبنان والتي قارب التحضير لها على الانتهاء ما لم يطرأ أي تطوّر يؤدي إلى تأجيل موعدها المحدد ما بين 18 و20 من هذا الشهر، وان المؤشرات التي ظهرت في الساعات الماضية توحي بأن مقاربة مختلفة تتم في ما خص التأليف وانه من الممكن حصول بعض التنازلات من هنا وهناك لتأمين الأرضية الملائمة لإصدار مراسيم التأليف في النصف الأوّل من هذا الشهر، نافية ما يقال بأن الأمور عادت إلى نقطة الصفر، وان ما يجري حالياً هو إعادة تفعيل ما كان قد تمّ الاتفاق عليه قبل الاطاحة بالاتفاق الذي كان مبرماً على اسم جواد عدره كممثل لـ«اللقاء التشاوري».
وتكشف المصادر ان صيغة الـ32 وزيراً عادت لتطل برأسها من جديد على خط التشاور، غير ان ذلك ما زال يصطدم برفض مطلق من قبل الرئيس المكلف سعد الحريري الذي يُؤكّد امام سائليه بأنه ليس في وارد التراجع عن قرار الرفض مهما كان الثمن، وانه يرفض حتى الحديث بهذه الصيغة امامه لأنه يعتبرها ماتت منذ اللحظة الأولى لطرحها.
وحول ما يُحكى عن إمكانية فصل كتلة الرئيس عون عن كتلة «لبنان القوي» وبالتالي التحاق ممثّل النواب السنة المستقلين بكتلة رئيس الجمهورية وعدم حضور اجتماعات «لبنان القوي» ترى المصادر بأن هذا الطرح هو نوع من التذاكي، هذا إذا لم نقل نوع من التحايل الذي لا يمكن ان يقبل به الفريق الآخر، إذ من غير الممكن فصل حصة الرئيس عن حصة «التيار الوطني الحر»، ولو كان هذا الطرح من الممكن ان يحصل لكانت المشكلة انتهت منذ مُـدّة طويلة، معتبرة ان باسيل يحاول طرح حلول تُبقي على الثلث المعطل ولو مقنعاً في قبضة اليد، وهو أمر من الصعب تحقيقه لأنه يواجه بمعارضة الخصوم والحلفاء، مشيرة إلى ان كرة التأليف هي اليوم في ملعب الوزير باسيل الذي يحاول برأي المصادر الاستئثار بمجلس الوزراء المُقبل على استحقاقات استثنائية.
وبالنسبة للقمة الاقتصادية المزمع انعقادها في بيروت في النصف الثاني من الشهر، تؤكد المصادر على ضرورة انعقادها في ظل حكومة مكتملة الاوصاف، لكنها ترى في الوقت نفسه ان هذه القمة تشكّل مشكلة بحد ذاتها وهي ربما تعقد في الوقت المحدد، وربما أيضاً لا تعقد ما لم يحل الخلاف حول مسألة دعوة دمشق لحضورها.