كثر الحديث في الأسابيع الماضية حول خارطة تحالفات جديدة بدأت ترتسم على الساحة الداخلية على إيقاع تداعيات استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري. وإذا كان دافع عمليات التموضع السياسي الجديد هو المناخ المأزوم داخل فريق 14 آذار، وما بين الرئيس الحريري والمملكة العربية السعودية، فإن وزيراً سابقاً يؤكد أن الطابع انتخابي مئة في المئة، خصوصاً وأن ملامح الخارطة السياسية برزت قبيل حصول الإستقالة، وذلك على خلفية التوافق داخل الحكومة أولاً، وطبيعة قانون الإنتخاب ثانياً. وعلى الرغم من أن معالجة أسباب هذه الإستقالة قد انتهت، فإن تداعياتها ما زالت تسجّل على مستوى التحالفات السياسية، إذ بات من البديهي القول أن فريقي 8 و14 آذار قد ذهبا إلى غير رجعة، كما يكشف الوزير السابق، الذي تحدّث عن تناغم لافت ما بين تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» والحزب التقدمي الإشتراكي في مرحلة أولية، في حين أن مجريات الإستحقاق النيابي وتشكيل اللوائح الإنتخابية ستحدَّد في مرحلة لاحقة فيما لو كانت أطراف جديدة ستنضم بشكل مباشر، أو ربما بشكل غير مباشر، إلى هذه اللوحة السياسية الإنتخابية.
والثابت بحسب الوزير المذكور، أن خلط الأوراق الذي حصل أخيراً، سينسحب على المستوى الإنتخابي، إذ أن كل فريق لعب دوراً سياسياً بارزاً في مرحلة الاستقالة، لن يوفّر فرصة استثمار المكاسب التي حقّقها في الإنتخابات النيابية المقبلة، حيث ما زالت غالبية القوى السياسية تؤكد أنها ستجري في موعدها.
لكن الوزير السابق، يعتبر في الوقت نفسه، أنه من المبكر منذ اليوم، الدخول في تفاصيل التحالفات الإنتخابية، وإن كان قد بات من شبه المؤكد الآن أن التسوية السياسية الجديدة ستترجم شراكة بين أركان السلطة على كل المستويات، ومن دون أي استثناءات وصولاً إلى التأسيس لخارطة نفوذ تلعب دوراً رئيسياً في تحديد موازين القوى الفاعلة والمؤثّرة في الإنتخابات النيابية، مع العلم أن بعض التوقّعات تشير إلى إمكان أن يحقّق أحد الأحزاب البارزة فوزاً ساحقاً، وأن يحصل على كتلة نيابية يزيد عدد أعضائها عن الخمسين. ومن هنا، فإن المرونة الواضحة في العلاقة ما بين بيت الوسط وحارة حريك وكليمنصو، لا بد وأن تُترجَم من خلال إعداد اللوائح الإنتخابية، حيث من المتوقّع أن يتعزّز العمل عبر الماكينات الإنتخابية مطلع العام المقبل.
وبصرف النظر عن طبيعة القانون الإنتخابي، وعن اعتبار البعض أنه لا يسهّل عملية التحالفات، فإن احتمالات تشكيل غالبية نيابية تبدو مرتفعة، كما يقول الوزير السابق، لا سيما وأن سيناريوهات إنتخابية سابقة قد سحبت من التداول بعد أزمة الإستقالة، الأمر الذي يجعل من إمكانات التحالف متعثّرة في بعض الدوائر الإنتخابية، وهو ما سيعدّل في صورة الترشيحات النيابية، ويحدث تغييراً لافتاً في كل ما جرى نشره سابقاً من دراسات وإحصاءات تناولت بالأرقام نتائج الإنتخابات المقبلة.
ويضيف الوزير المذكور، أن حلفاء الأمس القريب الذين أعدّوا مسودّة ترشيحات إنتخابية في بعض المناطق، وجرى الإعلان عن بعضها، باتوا اليوم يميلون إلى البحث عن نوع من الإئتلاف الدقيق والتعاطي بـ«القطعة» في كل منطقة، وذلك عبر تحالفات محدّدة، أو عبر تجيير أصوات في دائرة معينة مقابل الحصول على أصوات في دائرة أخرى، كما هي الحال بالنسبة لصورة التحالفات بين «المستقبل» و«القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الإشتراكي، والتي قد تشهد تعديلات فيما لو قام تحالف بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، وفقاً لما تؤكده أوساط الحزبين في مجالسهما اليومية.