Site icon IMLebanon

العودة إلى “كيماوي الشعيرات” تُجبر واشنطن على تحديد الخيارات

لماذا عاد النظام السوري الى استعمال السلاح الكيماوي في قصفه على المناطق السورية بعد توقف دام منذ نيسان الماضي بحسب الاتهامات الغربية، وهل مواقع النظام معرضة لضربات اميركية عسكرية في المقابل؟

 

تفيد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، بأنها تعتقد ان النظام السوري عاد الى اتباع الضربات الكيماوية ضد شعبه، بعد توقف، لانه كان يختبر الاميركيين حول ما اذا كانت الضربة الاميركية التي وجهت الى مطار الشعيرات لدى القصف بالكيماوي، وكان آخره آنذاك على مدينة خان شيخون، هي ضربة تكتيكية او استراتيجية. فوجد النظام بحسب المصادر، ان الضربة كانت تكتيكية، اذ تأكد ان الادارة الاميركية منشغلة باولويات اخرى غير الوضع السوري. وانه وجد ان الضربة لم تكن استراتيجية، لانه لم تتبعها ضربات اخرى جدية، من شأنها التوصل الى اسقاط النظام. وهذا لم يحصل، حتى ان الاميركيين عملياً ليسوا مؤثرين في العملية السياسية التفاوضية حول مستقبل سوريا بغض النظر عن مواقفهم المعروفة لا سيما بضرورة انهاء حكم النظام، وعلى الرغم من اعلان وزير الخارجية الاميركي ريكس تيليرسون استراتيجية بلاده حول سوريا.

 

اللجنة الدولية لمراقبة استعمال الكيماوي حول سوريا، اصدرت تقريرها واتهمت النظام مباشرة باستعمال هذا السلاح. والآن تدور مفاوضات في مجلس الامن حول مشروع قرار جديد يهدف الى التجديد لهذه اللجنة. ولا تزال المواقف الدولية على حالها. الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي يريدان التمديد لعملها، وروسيا لا تريد ذلك لان ملف الكيماوي قابل لإعادة الإحياء ضد النظام.

 

ولاحظت المصادر، ازدياد منسوب العمليات العسكرية في سوريا، من جانب روسيا والنظام، بالتزامن مع المفاوضات السياسية وما بعدها، ان كان في فيينا، او في سوتشي التي لم ينتج عنها اي شيء. ولم تكن مفاوضات فيينا اصلاً ناجحة. انما استعمال العنف وازدياد القصف يأتيان للضغط على المفاوضات، ولإحراج المعارضة السورية، لانها في ظل تصاعد العنف تفكر دائماً في عدم التوجه الى المفاوضات، وبالتالي يؤدي الامر بالنظام الى ان يُظهر للعالم ان المعارضة لا تريد المشاركة في التفاوض.

 

في الاستراتيجية الاميركية حول سوريا، والتي اعلنها تيليرسون، وضعت الادارة الاميركية نفسها في مواجهة استراتيجية مع روسيا وايران والصين. وبالذات مواجهة مع ايران. اساساً ما دامت الادارة الاميركية على موقف معادٍ لايران، فانه لا يمكنها ان تتخذ مواقف مختلفة في سوريا، بل منسجمة مع مواقفها حول ايران.

 

السؤال الآن هو، هل ان الاستراتيجية عامة؟ وماذا يقصد الرئيس دونالد ترامب عندما يقول بعد صدور هذه الاستراتيجية، انه يفترض التعاون مع الروس؟. هناك فارق بين الاستراتيجية من جهة، والتطبيق والخطة من جهة ثانية.

 

وتؤكد المصادر، ان الولايات المتحدة لا يمكنها ان تستمر على هذا المنوال في التعامل مع الازمة السورية، فهي ارادت المواجهة مع روسيا وايران، في وقت ازاحت كل المسؤولين في الادارة والذين لديهم خبرة في الملفات، ولم تعمد بعد الى تعيين خلف لهم حتى الآن. كذلك ان وزير الخارجية يأتي من قطاع الاعمال.

 

وتلفت المصادر إلى ان انعكاسات ضربة مطار الشعيرات ومفاعيلها، لم يتم الحفاظ عليها من الادارة الاميركية وعلى المكتسبات التي حققتها. والسبب يعود الى ان ليس لدى هذه الادارة خطة متكاملة للتعامل مع الملف السوري ولا مع غيره من الملفات. الآن ما تقوم به الادارة هو ردات فعل محدودة فقط.

 

هناك تفاوض في مجلس الامن حول التمديد للجنة. والروس سيعرقلون التمديد كما يبدو حتى الآن. فاذا سارت الامور في المجلس وصدر قرار التمديد للجنة، قد يكون خيار الضربة مستبعداً. واذا استمرت العرقلة ولم يتم التمديد للجنة، سيكون خيار الضربة الاميركية الاكثر توقعاً. في الحالتين سيرى ترامب نفسه امام وجوب تحديد خياراته حيال التمديد.

 

الا ان مصادر ديبلوماسية بارزة، توقفت عند الضربة التي تعرض لها النظام ومقتل ١٠٠ عنصر من عناصره، وهذه الضربة مصدرها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وقد تكون رداً على استعمال الكيماوي. وتعتبر ان الامر مقصود في اطار رسم الخطوط الحمر التي لا يجب على اي طرف داخلي او خارجي ان يتخطاها في سوريا، وفي اطار ذلك استعمال الكيماوي وهي ايضاً تشكل قلقاً للنظام من احتمال تعرضه لضربات اذا ما استمر في استعمال الكيماوي. كذلك ان دخول العامل الاسرائيلي على خط التوتر في سوريا، يؤدي الى مساعدة الاهداف الاميركية هناك، ولو جاء رداً على “التحرشات” الايرانية بكل من واشنطن وتل ابيب. وهذا من شأنه ان يخلط الاوراق على الرغم من تمسك الجميع بالتهدئة.